قوله عز وجل: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ﴾ (ما) شرطية منصوبة الموضع بـ ﴿قَطَعْتُمْ﴾، كقوله عز وجل: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ (١) وجواب الشرط قوله: ﴿فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ و ﴿مِنْ لِينَةٍ﴾ في موضع نصب على التمييز. و ﴿لِينَةٍ﴾ فِعْلَةٌ، إما من اللون، وأصلها: لِوْنَة، بشهادة قولهم في جمعها: ألوان، فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها كالدِّيمة، وجمعها: لِينٌ، وجمع اللين: لِيانٌ، كذئب وذئاب. وإما من لان يلين، فياؤها على هذا أصلية وليست بمنقلبة، واختلف في اللينة، فقيل: ضَرْبٌ من النخل (٢). وقيل: كِرامُ النخل (٣)، كأنهم اشتقوها من اللين. وقيل: ألوان التمر سوى العجوة والبرني (٤). وقيل: سوى العجوة، والعرب تسمى ألوان التمور إذا اجتمعت ما لم يكن فيها عجوة: لِينٌ جمع لينة (٥).
وقوله: ﴿أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً﴾ انتصاب قوله: ﴿قَائِمَةً﴾ على الحال من الضمير المنصوب في ﴿تَرَكْتُمُوهَا﴾ الراجع إلى ﴿مَا﴾، وأُنث لأنه في معنى اللينة.
وقرئ: (قائمًا على أصوله) (٦) ردًّا على لفظ ﴿مَا﴾ دون معناها. و (قُوَّمًا) (٧)، وهو جمع قائم، كشُهَّدٍ في جمع شَاهدٍ، و (على أُصُلِها) بضم الصاد من غير واو (٨)، وذلك يحتمل وجهين: أن يكون جمع أصْلٍ، كرُهُنٍ
(٢) قاله الأخفش ٢/ ٥٣٨. وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في جامع البيان ٢٨/ ٣٣.
(٣) هذا قول سفيان كما في الطبري الموضع السابق.
(٤) هذا قول أبي عبيدة في المجاز ٢/ ٢٥٦.
(٥) هذا قول أكثر المفسرين، وبه بدأ الطبري ٢٨/ ٣٢ - ٣٣.
(٦) كذا أيضًا هذه القراءة غير منسوبة في الكشاف ٤/ ٨٠. والقرطبي ١٨/ ١٠. والبحر ٨/ ٢٤٤. والدر ١٠/ ٢٨١.
(٧) قرأها ابن مسعود - رضي الله عنه -، والأعمش، وطلحة، وزيد بن علي. انظر مختصر الشواذ / ١٥٤/. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٦٥. بالإضافة إلى مصادر القراءة السابقة.
(٨) لم أجد من نسبها، وانظرها في الكشاف، والقرطبي، والبحر، والدر المصون المواضع السابقة.