قوله عز وجل: ﴿إِذْ دَخَلُوا﴾ (إذ) يجوز أن يكون ظرفًا لـ ﴿حَدِيثُ﴾، أو لـ ﴿ضَيْفِ﴾ لما فيه من معنى الفعل، أو لقوله: ﴿الْمُكْرَمِينَ﴾ إذا فسر بإكرام المضيف لهم وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أي: أكرمهم حين دخلوا عليه، لا لـ ﴿أَتَاكَ﴾ كما زعم بعضهم، لأن الخبر لم يأت في ذلك الوقت. وأن يكون منصوبًا بإضمار اذكر، فيكون مفعولًا به. و ﴿الْمُكْرَمِينَ﴾ صفة للضيف، والضيف يوسف به الواحد والجمع، لأنه مصدر ضَافَ في الأصل.
وقوله: ﴿سَلَامًا﴾ منصوب على المصدر، وهو في الحقيقة اسم واقع موقع المصدر، أو بوقوع القول عليه، أي: قالوا سدادًا (١) من القول، كقولك: قلت حقًا، وقلت خيرًا، فيكون مفعولًا به، وأما ﴿سَلَامٌ﴾ الثاني: فمبتدأ وخبره محذوف، أي: سلام عليكم، أو خبر والمبتدأ محذوف، أي: أمري سلام، وقد مضى الكلام عليهما في "هود" بأشبع من هذا (٢).
وقوله: ﴿قَوْمٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: أنتم قوم، أو قال في نفسه: هم أو هؤلاء قوم. و ﴿مُنْكَرُونَ﴾ صفة ﴿قَوْمٌ﴾.
﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٣٧)﴾:

(١) في (ط): سلامًا. وأشار المحقق في الهامش إلى أنها في (ب) سدادًا. قلت: ما بعده يؤيد ما أثبته، لأنه أعربه مفعولًا به، وإلا فهو كالأول. كما يؤيده قول مجاهد: (قالوا سلامًا) قال سدادًا. انظر إعراب النحاس ٣/ ٢٣٧.
(٢) انظر إعرابه للآية (٦٩) منها.


الصفحة التالية
Icon