والثاني: هو ماض في اللفظ والمعنى عُطِفَ على قوله: ﴿وَقَدْ كَفَرُوا﴾ (١)، أي: وقد كفروا وودوا لو تكفرون.
وقوله: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ يجوز أن يكون ظرفًا لقوله: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ﴾، أي: لن تنفعكم في يوم القيامة أرحامكم، وأن يكون ظرفًا لقوله: ﴿يَفْصِلُ﴾، أي: يفصل بينكم في ذلك اليوم.
وقرئ: (يُفْصَل) و (يُفَصَّل) مخففًا ومشددًا مبنيًّا للمفعول (٢)، والقائم مقام الفاعل ﴿بَيْنَكُمْ﴾، ولم يرفع لكونه جرى مفتوحًا في كلامهم، كقوله: ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ (٣) وهذا مذهب أبي الحسن (٤). وقيل: القائم المصدر، وهو الفصل والتفصيل على قدر القراءتين (٥).
و(يَفْصِلُ) و (يُفَصِّلُ) مبنيًّا للفاعل (٦)، وهو الله عز وجل لقوله: ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ﴾ (٧)، وتعضده قراءة من قرأ: (يُفْصِلُ) بياء مضمومة وإسكان الفاء وكسر الصاد على البناء للفاعل وهو الله تعالى، وهو أبو حيوة (٨). وقراءة من قرأ (نُفَصِّلُ) بالنون والتشديد، وهو طلحة بن مصرف (٩).

(١) من الآية الأولى.
(٢) قرأ المدنيان، وابن كثير، وأبو عمرو: (يُفْصَلُ). وقرأ ابن عامر: (يُفَصَّل) كما سوف أخرج.
(٣) سورة الجن، الآية: ١١.
(٤) انظر مذهبه في حجة الفارسي ٦/ ٢٨٥. وكشف مكي ٢/ ٣١٨.
(٥) انظر هذا القول في الكشف الموضع السابق.
(٦) قرأ عاصم، ويعقوب: (يَفْصِل). وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (يُفَصِّل). نظرهما مع قراءة الباقين في السبعة/ ٦٣٣/. والحجة ٦/ ٢٨٥. والمبسوط/ ٤٣٤/. والتذكرة ٢/ ٥٨٦.
(٧) من الآية الأولى.
(٨) انظر قراءته في مختصر الشواذ/ ١٥٥/. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٨٦. والقرطبي ١٨/ ٥٥. وأبو حيوة هو: شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي صاحب القواءة الشاذة، ومقرئ الشام، توفي سنة ثلاث ومائتين.
(٩) انظر قراءته، وهي قراءة النخعي أيضًا، في مختصر الشواذ، والمحرر الوجيز، والقرطبي =


الصفحة التالية
Icon