٥٩٤ - أَلا أَيُّهذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى........................... (١)
أي: أن أحضر، فلما حذفت (أن) بطل عملها، ورجع الفعل إلى أصله، ومن قال بهذا القول ذهب إلى جزم قوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [على] أنه جواب شرط محذوف يدل عليه ما قبله، أي: إن تؤمنوا يغفر لكم.
وقال الفراء: ﴿تُؤْمِنُونَ﴾ على تقدير (أن) كما ذكر آنفًا، و ﴿يَغْفِرْ﴾ جزم لأنه جواب الاستفهام، وهو قوله: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ﴾، كقولك: هل تأتيني أكرمْك (٢)؟
وأُنكر عليه وخُطِّئ، وقيل: لو كان جوابه لكان التقدير: إنْ دَلَلْتكم على التجارة يغفر لكم، ودلالته إياهم لا توجب المغفرة لهم، إنما تجب المغفرة بالقبول والإيمان، لأن الله تعالى قد دل كثيرًا على الإيمان فلم يؤمنوا، ولم يغفر لهم (٣).
فأجاب عنه بعض من انتصر له وقال: هو حمله على المعنى لا على اللفظ، وذلك أنه جعل التجارة مُفَسَّرَة بالإيمان والجهاد، وجعلهما مفسِّرين لها، فكأنه قيل: هل تتجرون بالإيمان والجهاد؟ أي: هل تؤمنون وتجاهدون يغفر لكم (٤)؟.
وقال صاحب الكتاب رحمه الله وموافقوه: ﴿تُؤْمِنُونَ﴾ هنا ليس على حذف، وليس بدلًا عن التجارة ولا مفسرًا لها، ولكن هو خبر في معنى الأمر، والمعنى: آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم، ولهذا أجيب بقوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ (٥).

(١) تقدم هذا الشاهد مرارًا، انظر أولها رقم (٨٠).
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ١٥٤.
(٣) انظر مثل هذا الرد في البيان ٢/ ٤٣٦. وزاد المسير ٨/ ٢٥٤.
(٤) انظر مشكل مكي ٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥. والكشاف ٤/ ٩٤.
(٥) انظر الكتاب ٣/ ٩٤. ومعاني الزجاج ٥/ ١٦٦. وهو قول المبرد كما في إعراب النحاس =


الصفحة التالية
Icon