قوله عز وجل: ﴿وَفِي مُوسَى﴾ يجوز أن يكون عطفًا على ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ﴾، أي: وفي موسى آيات، أي: وفي إرساله إلى فرعون آيات، وأن يكون عطفًا على قوله: ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً﴾ (١)، وهو أحسن للقرب، على معنى: وجعلنا في موسى آية، أي: في إنجائه مما لحق فرعون وقومه من الغرق. و ﴿إِذْ﴾ ظرف لجعلنا المقدر، أو لآيات المقدرة على الوجه الأول، و ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ من صلة الإرسال. و ﴿بِسُلْطَانٍ﴾ في موضع الحال من الضمير المنصوب في ﴿أَرْسَلْنَاهُ﴾ الراجع إلى موسى، و ﴿بِرُكْنِهِ﴾ في موضع الحال من المنوي في قوله: ﴿فَتَوَلَّى﴾.
وقوله: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ الواو للحال.
وقوله: ﴿وَفِي عَادٍ﴾ الكلام فيه كالكلام في ﴿وَفِي مُوسَى﴾، وكذا ﴿وَفِي ثَمُودَ﴾، أي: وفيهما آيات، أو: وجعلنا فيهما آية، على الوجهين المذكورين آنفًا في ﴿مُوسَى﴾.
وقوله: (وقومِ نوحٍ) قرئ: بالجر (٢) عطفًا على ما قبله من المجرور من موسى وعاد وثمود، أي: في قوم نوح (آيةٌ)، أو (آيةً) على التقديرين في ﴿وَفِي مُوسَى﴾ وما بعده من المعطوف. وبالنصب (٣) على: وأهلكنا قوم نوح، يدل عليه: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾، أو: وأغرقنا قوم نوح، يدل عليه ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾، أو: واذكر قوم نوح، وفي حرف عبد الله رضي الله عنه: (وفي قوم نوح)، بزيادة (في) (٤) وهو حجة لقارئ الجر، ويجوز في الكلام رفع (قوم نوح).

(١) الأولى من الآية (٢٠). وهذه من الآية (٣٧).
(٢) قرأها النحويان، وحمزة، وخلف كما سوف أخرج.
(٣) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظر السبعة/ ٦٠٩/. والحجة ٦/ ٢٢٣. والمبسوط/ ٤١٥/. والتذكرة ٢/ ٥٦٤.
(٤) انظر قراءته -رضي الله عنه- في معاني الفراء ٣/ ٣٦٦. والكشاف ٤/ ٣١. والبحر ٨/ ١٤١.


الصفحة التالية
Icon