الذي تفرون منه، والفاء جواب للجملة، كما تقول: زيد منطلق فقم إليه.
وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه: (إنه ملاقيكم) بغير فاء (١)، وهو حسن جائز عند أهل هذه الصناعة.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ في (من) هنا أوجه، أحدها: صلة، أي: إذا نودي يوم الجمعة (٢). والثاني: بمعنى (في)، أي: في يوم الجمعة (٣). والثالث: للتبعيض، والتقدير: إذا نودي لوقت الصلاة من يوم الجمعة (٤). والرابع: هو بيان لـ ﴿إِذَا﴾ وتفسير له (٥).
والجمهور على ضم ميم ﴿الْجُمُعَةِ﴾. وقرئ: بإسكانها (٦)، والضم هو الأصل، والإسكان تخفيف.
وسميت الجمعة جمعة، لاجتماع الناس فيها للصلاة، وكانت العرب

(١) في هذا الحرف قراءتان: الأولى بدون (فإنه) كاملة وهذه هي التي نسبت إلى ابن مسعود - رضي الله عنه - كما في معاني الفراء ٣/ ١٥٦. والكشاف ٤/ ٩٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٠. وزاد المسير ٨/ ٢٦١. والتفسير الكبير ٣٠/ ٧. أما الثانية فبدون الفاء فقط كما قال المؤلف، وهي لزيد بن علي كما في الكشاف الموضع السابق، والبحر المحيط ٨/ ٢٦٧. والدر المصون ١٠/ ٣٣٠.
(٢) لَمْ أجد من نص على هذا الوجه.
(٣) اقتصر صاحب البيان ٢/ ٤٣٨. والتبيان ٢/ ١٢٢٣. والقرطبي ١٨/ ٩٧ على هذا الوجه.
(٤) انظر هذا الوجه في تفسير الرازي ٣٠/ ٨. وحكاه الالوسي ٢٨/ ٩٩ عن أبي البقاء.
(٥) هذا قول الزمخشري ٤/ ٩٧.
(٦) قرأها الأعمش، انظر معاني الفراء ٣/ ١٥٦. وجامع البيان ٢٨/ ١٠٢. وإعراب النحاس ٣/ ٤٢٩. ومختصر الشواذ / ١٥٦/. ومعالم التنزيل ٤/ ٣٤١. والمحرر الوجيز ١٦/ ١١. ونسبت في زاد المسير ٨/ ٢٦٢ إلى السلمي، وأبي رجاء، وعكرمة و... أيضًا.


الصفحة التالية
Icon