خُشْب جمع خشباء (١)، والخشباء: الخشبة التي دَعِرَ جوفُها، شُبِّهُوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم.
وقوله: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ (يحسبون) في موضع الحال من الضمير المنصوب في ﴿كَأَنَّهُمْ﴾، والعامل فيها معنى التشبيه، ويجوز أن يكون مستأنفًا. و ﴿كُلَّ صَيْحَةٍ﴾: مفعول أول لـ ﴿يَحْسَبُونَ﴾، و ﴿عَلَيْهِمْ﴾ المفعول الثاني، أي: يحسبون كلّ صيحة واقعة عليهم، وتم الكلام. وقد جوز أن يكون ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ المفعول الثاني كما لو طرح الضمير. قيل: فإن قيل: فحقه أن يقال: هي العدو، قيل: منظور فيه إلى الخبر كما ذكر في ﴿هَذَا رَبِّي﴾ (٢) وأن يقدر مضاف محذوف، على: يحسبون كلّ أهلِ صيحةٍ (٣).
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٦)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ﴾ هذا على إعمال الفعل الثاني وهو ﴿يَسْتَغْفِرْ﴾، ولو أُعمل الأول وهو ﴿تَعَالَوْا﴾ لقيل: تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله، والتقدير: تعالوا إلى رسول الله يستغفر لكم، ففي ﴿يَسْتَغْفِرْ﴾ على هذا التقدير ضمير يرجع إلى ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾. وأما على الوجه الأول فليس فيه ذكر، لأنه مسند إلى ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾ وهو بعده.

(١) كذا عنه في الكشاف ٤/ ١٠١. وحكاه ابن خالويه في إعراب القراءات ٢/ ٣٦٨ عن أبي عمرو. قلت: لا خلاف، لأنَّ اليزيدي تلميذ أبي عمرو، وقد تقدمت ترجمته.
(٢) من قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي... ﴾ [الأنعام: ٧٨]. وانظر تفصيلًا أكبر عند إعرابها.
(٣) القول وجوابه من الكشاف ٤/ ١٠١.


الصفحة التالية
Icon