سكن. و (يهْدَ) بفتح الدال (١)، والأصل: يَهْدَأ، ثم يهدا، ثم يَهْدَ، كقولهم: لَمْ يَقْرَ فلان القرآن، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض. و (يهدا) على التخفيف، و (يهدّ قلبه) (٢) بمعنى يهتد. و (يُهْد) بضم الياء وفتح الدال على البناء للمفعول ورفع القلب ونصبه (٣)، أما رفعه فظاهر، وأما نصبه فكقوله عز وجلَّ: ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ (٤) على مذهب أبي الحسن، لأنه قال معناه: سفه في نفسه، فلما سقط حرف الجر نصب ما بعده، كقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ (٥) أي: على عقدة النِّكَاح، والمعنى: يُهد إلى قلبه (٦).
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ انتصاب ﴿خَيْرًا﴾ عند صاحب الكتاب بمضمر يدلُّ عليه ﴿أَنْفِقُوا﴾، أي: وأتوا خيرًا لأنفسكم، وذلك أنه لما قال: وأنفقوا، دل على أنَّه أمرهم أن يأتوا فعل خير (٧).

(١) قرأها عمرو بن فائد كما في المختصر. والبحر ٨/ ٢٧٩. والدر المصون ١٠/ ٣٤٩.
(٢) ذكرها الزمخشري ٤/ ١٠٦ دون نسبة.
(٣) أما مع رفع القلب: فهي قراءة عكرمة كما في إعراب النحاس ٣/ ٤٤٧. وأبي جعفر، والسلمي كما في مختصر الشواذ ١٥٧ - ١٥٨. وعلي - رضي الله عنه -، والسلمي كما في زاد المسير ٨/ ٢٨٤. وأضافها القرطبي ١٨/ ١٣٩ إلى قتادة أيضًا. وأما مع نصب القلب: فذكرها الزمخشري ٤/ ١٠٦.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٣٠
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٣٥.
(٦) إلى قلبه. من (أ) و (ب). وفي (ط): في قلبه. وكذا هو في الكشاف ٤/ ١٠٦. لكن قال الزمخشري: يجوز أن يكون المعنى أن الكافر ضال عن قلبه، بعيد منه، والمؤمن واجد له، مهتد إليه. وهذا يرجح ما ثبت في الأصل، والله أعلم.
(٧) انظر مذهب سيبويه في كتابه ١/ ٢٨٢. وإعراب النحاس ٣/ ٤٤٨. ومشكل مكي ٢/ ٣٨٣.


الصفحة التالية
Icon