وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ محل الكاف إما الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر مثل ذلك، أو النصب، أي: أنذركم إنذارًا مثل إنذار من تقدمني من الرسل الذين أنذروا قومهم، ولا يجوز أن يكون معمول ﴿أَتَى﴾، لأن ما كان في صلة النفي لا يتقدم عليه. قيل: والإشارة في ذلك إلى تكذيبهم الرسول وتسميته ساحرًا ومجنونًا، وهذا تسلية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).
وقوله: ﴿الْمَتِينُ﴾ الجمهور على رفعه، وهو خبر بعد خبر، لـ ﴿إِنَّ﴾ أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو المتين، ويضعف أن يكون وصفًا لـ ﴿ذُو﴾ أو للرزاق كما زعم الجمهور، لأن النعت لا يُنْعَتُ إلا على تأويل وتعسف، وهنا عنه مندوحة بما ذكرت.
وقرئ: (المتينِ) بالجر (٢)، على أنه وصف للقوة. وذُكِّر إما لأن التأنيث غير حقيقي، أو على تأويل الاقتدار، أو لكونه على فعيل. وقيل: جره على الجوار (٣)، كقولهم: جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، وهو من التعسف، والوجه هو الأول، والله أعلم بكتابه.
هذا آخر إعراب سورة الذاريات
والحمد لله وحده

(١) انظر جامع البيان ٢٧/ ٩. والكشاف ٤/ ٣٢. والقرطبي ١٧/ ٥٤.
(٢) قرأها يحيى بن وثاب، والأعمش. انظر معاني الفراء ٣/ ٩٠. وجامع البيان ٢٧/ ١٢. وإعراب النحاس ٣/ ٢٤٦. ومختصر الشواذ/ ١٤٥/. والمحتسب ٢/ ٢٨٩. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٣) قاله أبو حاتم كما في إعراب النحاس الموضع السابق. كما قاله ابن جني في المحتسب الموضع السابق أيضًا.


الصفحة التالية
Icon