على مذهب أبي الحسن، أو من المنوي في ﴿عَلَيْهَا﴾ على رأي صاحب الكتاب رحمة الله عليهما.
وقوله: ﴿مَا أَمَرَهُمْ﴾ يجوز أن يكون في موضع نصب إما على البدل من اسم الله جل ذكره، أي لا يعصون أمره، كقوله عز وعلا: ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ (١). وإما لعدم الجار وهو (في)، والأصل: لا يعصونه فيما أمرهم به من زيادة أو نقصان أو توارٍ، فحذف الجار. وأن يكون في موضع جر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع (٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ (توبة) مصدر مؤكد لفعله، و ﴿نَصُوحًا﴾ صفة له على طريق المبالغة، كقولهم: رجل صبور، وشكور، وفعول من أبنية المبالغة، أي: توبة بالغة في النصح، يعني: لا مداهنة فيها، وهي صفة مجازية، لأنَّ الفعل في الحقيقة لصاحب التوبة لا لها.
وقرئ أيضًا: (نُصُوحًا) بضم النون (٣)، وفيه وجهان:
أحدهما: مصدر بمعنى الخلوص، يقال نصح نصاحةً ونصوحًا،
(٢) انظر إعرابه للآية (٢٥) من البقرة.
(٣) قراءة صحيحة لأبي بكر عن عاصم. انظر السبعة / ٦٤١/. والحجة ٦/ ٣٠٣. والمبسوط / ٤٤٠/. والتذكرة ٢/ ٥٩٢. والنشر ٢/ ٣٨٨.