﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾.
وبعده ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ قيل: دخلت الفاء ها هنا في قوله: ﴿فَمَنْ يُجِيرُ﴾ وقوله: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ﴾؛ لأن ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ بمعنى: انتبهوا، أي: انتبهوا فمن يجير، وانتبهوا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ، كما تقول: قم فزيد قائم، ولا يكون الفاء جواب الشرط (١)، وإنما جواب الشرط مقدرٌ مدلولُ ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾، والتقدير: إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا لَمْ ينفعكم. ولك أن تقدر فعلًا يكون قوله: ﴿فَمَنْ يُجِيرُ﴾ عطفًا عليه مُعْتَقِبًا له، يدلُّ عليه قوله: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾، والتقدير: تفكروا وانتبهوا تعلموا ذلك فمن يجير الكافرين، وهذا راجع إلى معنى الأول، غير أن فيه زيادة بيان.
وقد جوز أن يكون الفاءُ صِلةً (٢) كالتي في قوله: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ﴾ (٣) على أحد الوجهين، ويكون الاستفهام سادًّا مسد مفعول ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾، كقولهم: أرأيت زيدًا ما فعل؟
و﴿غَوْرًا﴾ خبر ﴿أَصْبَحَ﴾، أي: غائرًا، كَعَدْلٍ بمعنى عادل، أو ذا غورٍ، أي: ذاهبًا في الأرض.
وفي وزن ﴿مَعِينٍ﴾ وجهان:
أحدهما: أنه مفعول من العين، كمبيع من البيع، أي: مُبْصرٌ بالعين،
(٢) جوزه صاحب البيان أيضًا. انظر الموضع السابق.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٨٨.