وقيل: الباء للسبب، والمعنى: بسبب أيكم المفتون، أي: المعذب، أي: أبدعائك يا محمد أم بدعائهم؟ (١)
وقوله: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ (فيدهنون) عطف على (تدهن) وليس بجواب للتمني؛ لأنه لو كان كذلك لوجب حذف النون، قال صاحب الكتاب رحمه الله: وزعم هارون أنَّها في بعض المصاحف: (ودوا لو تدهن فيدهنوا) يعني: بالنصب على جواب التمني (٢).
﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿كُلَّ حَلَّافٍ﴾ أي: كل رجل حلاف، فحذف الموصوف، والحلَّاف: الكثير الحلف في الحق والباطل.
و﴿مَهِينٍ﴾: نعت بعد نعت، ويجوز في الكلام نصبه إما على النعت لي ﴿كُلَّ﴾ أو على الذم، ورفعه على هو، وكذا ما بعده من النعوت يجوز فيه الوجهان. و ﴿مَهِينٍ﴾ فعيل، إمَّا من المهانة وهو الجيد، وهي الحقارة، وفعله مَهُنَ يَمْهُنُ بالضم فيهما مَهَانة فهو مَهِينٌ، وإمَّا من المِهْنَةِ وهي الخدمة، والماهِقُ: الخادمُ، وقد مَهَنَ القومَ يمهنهم بالفتح فيهما مَهْنَةً، أي: خدمهم، فهو ماهن القوم، أي: خادمهم، فمهين: فعيل إما بمعنى مفعول كقتيل وحقير، وإما بمعنى فاعل كرحيم إذا كان بمعنى راحم.
﴿هَمَّازٍ﴾ عيَّاب، من هَمَزَه يَهْمِزُهُ بفتح العين في الماضي وكسرها في

(١) انظر هذه الأقوال في إعراب النحاس ٣/ ٤٨٢. ومشكل مكي ٢/ ٣٩٧. والقرطبي ١٨/ ٢٢٩.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٣٦. وهارون هو ابن موسى الأزدي البصري، روى عن أبي عمرو، والخليل وغيرهما، توفي قبل المائتين. ألّف في القراءات وتتبع الشاذ منها.


الصفحة التالية
Icon