وإما بـ ﴿مُعْتَدٍ﴾ أي: يعتدي على الناس لأَنْ كان ذا مال، وليس لمعترض أن يعترض عليَّ ويقول: هذا قد وصف بقوله: ﴿أَثِيمٍ﴾، وما وصف لا يعمل عمل الفعل، لأني لا أجعل (أثيمًا) صفة لـ ﴿مُعْتَدٍ﴾، لأنَّ الصفة لا توصف، وإنما الموصوف هنا محذوف، والتقدير: ولا تطع كلّ رجل أو كلّ إنسان من نعته كيت وكيت، مع أن الشيخ أبا علي رحمه الله أجاز أن يكون من صلة ﴿عُتُلٍّ﴾ (١) وإن كان قد وصف على زعم هذا المعترض بقوله: ﴿زَنِيمٍ﴾. وإما بـ ﴿مَشَّاءٍ﴾، أي: يمشي بنميم ليساره. وإما بمحذوف تقديره: يكفر أو يجحد لأنَّ كان ذا مال يدلُّ عليه قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، لأنَّ ذلك كفر وجحود.
ولا يجوز أن يتعلق بقوله: ﴿تُتْلَى﴾، لأنَّ ما بعد لا ﴿إِذَا﴾ لا يعمل فيما قبلها، لأنَّ ﴿إِذَا﴾ تضاف إلى الجمل التي بعدها، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف، ولا بقوله: ﴿قَالَ﴾ لأنَّ ﴿قَالَ﴾ جواب الجزاء، ولا يعمل فيما قبل الجزاء إذ حُكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط فيصير مقدمًا مؤخرًا في حال، فاعرفه فإنه من نحو الفارسي ومعنى قوله وإن لَمْ يكن لفظه بعينه (٢).
وقرئ: (آنْ كان) على الاستفهام (٣)، على معنى: ولا تطع صاحب هذه الصفة أَلأَنْ كان ذا مال كَذَّبَ أو كفر؟ يدلُّ عليه ما تقدم من الكلام، فصار كالمذكور بعد الاستفهام.
وقرئ أيضًا: (إِنْ) بالكسر (٤)، على أنَّها شرطية وجوابها محذوف

(١) انظر النقل عن أبي علي في القرطبي ١٨/ ٢٣٦.
(٢) حجته ٦/ ٣١٠ - ٣١١.
(٣) قرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم، وروح عن يعقوب (أأن) بهمزتين. وقرأ ابن عامر ويعقوب (ءان) بهمزة ممدودة. انظر السبعة / ٦٤٦/. والمبسوط / ٤٤٣/. والتذكرة ٢/ ٥٩٥.
(٤) رواها الزهري عن نافع كما في مختصر الشواذ /١٥٩/. واليزيدي عن نافع كما في البحر ٨/ ٣١٠. ونسبت في زاد المسير ٨/ ٣٣٤ إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، لكنها حرفت فيه.


الصفحة التالية
Icon