النحاة شرطوا أن يكون الفعل في باب المفعول معه غير متعد، والعرب تقول: دعني وفلانًا، أي: كِلْ أمره [كله] (١) إليَّ فإني أنتقم لك منه.
﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ محل الجملة النصب على الحال من المنوي في ﴿نَادَى﴾، و ﴿مَكْظُومٌ﴾ من كظم غيظه، إذا حبسه، والمعنى: مكظومٌ غَيْظُهُ.
وقوله: ﴿لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ﴾ (تدارك) فعل ماض بشهادة قراءة من قرأ: (تداركته) بزيادة تاء التأنيث في آخره وهما ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم (٢)، وإنما ذُكِّر على قراءة الجمهور حملًا على المعنى، لأن النعمة والإنعام بمعنى، أو لأجل الفصل بالضمير، وأما من أنث: فعلى لفظ النعمة.
وقرئ أيضًا: (لولا أن تَدَّاركه) بتشديد الدال (٣)، قال أبو الفتح: هذه القراءة على تقدير حكاية الحال الماضية، كأنه قيل: لولا أن كان يقال فيه: تتداركه نعمة من ربه، كما تقول: كان زيد سيقوم، أي: كان متوقَّعًا منه

(١) من (أ) فقط، والمعنى حاصل بدونها. وانظر الكشاف ٤/ ١٣١.
(٢) هي لابن مسعود - رضي الله عنه -، في معاني الفراء ٣/ ١٧٨. وإعراب النحاس ٣/ ٤٩٣. ومشكل مكي ٢/ ٤٠٠. وهي إلى الاثنين في مختصر الشواذ / ١٦٠/ والكشاف ٤/ ١٣٢. وزاد المسير ٨/ ٣٤٣. كما أضيفت إليهما وإلى أبي بن كعب - رضي الله عنه - في المحرر الوجيز ١٦/ ٩٠.
(٣) قرأها ابن هرمز الأعرج، والحسن. انظر إعراب النحاس ٣/ ٤٩٣. ومختصر الشواذ / ١٦٠/. والمحتسب ٢/ ٣٢٦. والكشاف ٤/ ١٣٢. والمحرر الوجيز ١٦/ ٩٠. والقرطبي ١٨/ ٢٥٣.


الصفحة التالية
Icon