وقوله: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ﴾ الجمهور على تخفيف الميم وإسناد الفعل إلى الأرض، وقرئ: (وحُمِّلَت) بتشديدها (١)، على حذف المحمَّل، وهو إما مَلَكٌ من ملائكة الله عز وجل، أو قُدرته، والأصل والتقدير: وحَمَّلنا ملكًا من ملائكتنا أو قدرتَنا الأرضَ، ثم حُمِّلتْ قدرتُنا الأرضَ، ثم حُمِّلت الأرضُ، لَمَّا حذف المفعول الأول بني الفعل للثاني، وقد جوز بناؤه للثاني مع وجود الأول على وجه القلب للاتساع، فيقال: حُملت الأرضُ الملكَ، كما تقول: أُلبس زيدٌ الجبةَ، وأُلْبِستِ الجبةُ [زيدًا] (٢)، فإذا جاز بناؤه للثاني مع وجود الأول فأن يجوز مع حذفه أحرى وأولى.
وقوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ جواب لقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾. و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل من (إذا) وتكرار لمعناه، كرر لما طال الكلام.
وقوله: ﴿فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ (يومئذٍ) ظرف لـ ﴿وَاهِيَةٌ﴾.
وقوله: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ (الملك) هنا بمعنى الجمع، والمراد به الجنس، والأرجاء الجوانب، الواحد رجا مقصور، أي: على أرجاء السماء، عن ابن عباس رضي الله عنهما (٣). وقيل: على أرجاء الأرض (٤). وقيل: على أرجاء الدنيا (٥).
وقوله: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾ يجوز أن يكون الظرفان من صلة (يحملُ)، وأن يكون ﴿فَوْقَهُمْ﴾ حالًا من العرش.
(٢) من (أ) فقط.
(٣) أخرجه الطبري ٢٩/ ٥٧ عنه وعن آخرين غيره.
(٤) حكاه ابن عطية ١٦/ ٩٨ عن الضحاك، وابن جبير.
(٥) رُوي عن سعيد بن جبير كما في النكت والعيون ٦/ ٨١. وزاد المسير ٨/ ٣٥٠. وهذا المعنى كالذي سبقه، لأنه ليست ثمة فرق بين الدنيا والأرض تقريبًا، وقد جعلهما ابن عطية ١٦/ ٩٨ واحدًا.