وهذا ليس بشيء، لأن ما كان في صلة النفي لا يتقدم عليه. وكذا الكلام في قوله: ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. ﴿تَنْزِيلٌ﴾ أي: هو تنزيل.
وقوله: ﴿بِالْيَمِينِ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿أَخَذْنَا﴾ وأن يكون في موضع الحال إما من الفاعل أو من المفعول، أي: قاهرًا أو مقهورًا.
وقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (ما) هنا يجوز أن تكون حجازية، واسمها ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ وخبرها ﴿حَاجِزِينَ﴾ وإنما قيل: حاجزين على الجمع، لأن أحدًا للعموم يستوى فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث بشهاة قوله جل ذكره: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ (١) وقوله: ﴿لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (٢). و ﴿مِنْكُمْ﴾ صفة لـ ﴿أَحَدٍ﴾ في الأصل، لكنه لما تقدم عليه حُكِمَ على موضعه بالنصب على الحال، وقد صرح به الشاعر في قوله:
٦٠٥ - لِعِزَّةَ مُوحِشًا طَلَلٌ قَديمُ...................... (٣)
و﴿عَنْهُ﴾ من صلة ﴿حَاجِزِينَ﴾، والضمير في ﴿عَنْهُ﴾ للرسول عليه الصلاة والسلام، وأن تكون تميمية، و ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ في موضع رفع بالابتداء، و ﴿مِنْ﴾ صلة لتأكيد النفي، و ﴿مِنْكُمْ﴾ خبره، و ﴿حَاجِزِينَ﴾ صفة لـ ﴿أَحَدٍ﴾ على اللفظ.
ويجوز في الكلام (حاجزون) بالرفع على المحل، ولا يجوز أن تكون (ما) حجازية، ويكون ﴿مِنْكُمْ﴾ هو الخبر، لأن خبر المبتدأ إذا تقدم بطل عمل (ما) واستوت فيه اللغتان، فاعرفه فإنه موضع.
﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)﴾:

(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨٥.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٣٢.
(٣) تقدم هذا الشاهد أكثر من مرة، انظر (٥٥).


الصفحة التالية
Icon