بدلًا من قوله: ﴿قَرِيبًا﴾، وأن يكون معمول محذوف، أي: يقع، يدل عليه ﴿وَاقِعٍ﴾، وأن يكون في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: وقوعه يوم تكون.
وقوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ الجمهور على البناء للفاعل، أي: ولا يسأل حميم حميمه لما هو فيه من الشغل بنفسه، كقوله: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ (١)، أو: ولا يسأل حميم أحدًا عن حميمه لشغله أيضًا بنفسه. وقرئ: (ولا يُسأل) بضم الياء على البناء للمفعول (٢)، أي: لا يقال لحميم أين حميمك؟ ولا يطلب منه ليعرف خبره من جهته، لأنهم ليسوا بمحجوبين عن أحد فيسألوا عنهم، بشهادة قوله: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾.
و﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾: يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون صفة لحميم. واختلف في معناه:
فقيل: يَعرف بعضُهم بعضًا فيتعارفون، ثم يفر بعضهم من بعض، فالضمير المرفوع القائم مقام الفاعل للكفار، والهاء والميم لأقربائهم، أي: يُبَصِّرُ اللَّهُ الكفارَ أقرباءَهم في الآخرة، والضميران للحميمين، وإنما جُمعا، لأن المراد بهما العموم والجنس، والتقدير: يُبَصَّرون بهم، فحذف الجار، يقال: بَصَّرْتُهُ به وَبَصَّرْتُهُ إيَّاه.
وقيل: المرفوع للمؤمنين والمنصُوب للكافرين، أي: يُبصّر الله المؤمنين الكافرين يوم القيامة.
وقيل: المعنى يُبَصِّر اللَّهُ الكفارَ الذين أضلوهم في الدنيا في النار، فالضمير في (يبصرون) على هذا للتابعين من الكفار، والهاء والميم للمتبوعين
(٢) قراءة صحيحة لأبي جعفر، ورواية للبزي عن ابن كثير. انظر السبعة/ ٦٥٠/. والحجة ٦/ ٣٢٠. والمبسوط/ ٤٤٦/. والتذكرة ٢/ ٥٩٧. والنشر ٢/ ٣٩٠.