فقرئ: بفتح الهمزة في الجميع وبكسرها (١). وَجْهُ إجماعهم على فتحِ الهمزة في الأربعة المواضع المذكورة آنفًا: أنَّ (أنَّ) في قوله: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ﴾ قد عمل فيها ﴿أُوحِيَ﴾، فهي معمول له، ففتحت لذلك. و (أَنْ) في قوله: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾ فتحت لأنها مخففة من الثقيلة معطوفة على معمول ﴿أُوحِيَ﴾، كأنه قيل: أوحي إلي أنه استمع وأنه لو استقاموا، والضمير ضمير الشأن والحديث كما في قوله: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا﴾ (٢) وفَصلُ (لو) بينها وبين الفعل كفصل لا والسين في قوله: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ﴾ (٣)، و ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى﴾ (٤)، ويجوز أن تكون مزيدة كما في قوله: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا﴾ (٥)، وإذا كانت مزيدة فحقها الفتح لأن المكسورة لا تكون مزيدة. وأنَّ في قوله: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ فتحت لأنها معطوفة على معمول ﴿أُوحِيَ﴾، كأنه قيل: وأوحي إلي أن المساجد لله. هذا مذهب المفسرين، ومذهب الخليل رحمه الله أنه على تقدير اللام، أي: ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا. كما أن في قوله: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (٦) على قوله كذلك. وأن في قوله: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا﴾ فتحت لأنها معمول الفعل الواقع قبلها وهو ﴿يَعْلَمَ﴾ وهي مخففة من الثقيلة، فاعرفه.
ووجه اتفاقهم على كسر الهمزة إذا أتت بعد القول، أو بعد فاء الجزاء أنَّ (إِنَّ) بعد القول محكي مبتدأ به فكسرت لذلك، كقوله عز وجل: ﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ (٧). وكذلك ما بعد الجزاء لأنه موضع ابتداء، وكسرت لذلك.
(٢) سورة طه، الآية: ٧٤.
(٣) سورة طه، الآية: ٨٩.
(٤) سورة المزمل، الآية: ٢٠.
(٥) سورة العنكبوت، الآية: ٣٣.
(٦) سورة الأنبياء، الآية: ٩٢.
(٧) سورة المائدة، الآية: ١١٥.