والمعنى: ولن أجد من دونه منجىً إلا بلاغًا، أي: لا ينجيني إلا أن أُبلّغ عن الله عز وجل ما أرسلني به.
وأن يكون منصوبًا على المصدر على إضمار فعل، ويكون ﴿إِلَّا﴾ على هذا الوجه منفصلًا من إن (١)، و (إن) للشرط، و (لا) بمعنى (لم)، والتقدير: إني لن يجيرني من الله أحد، ولن أجد من دونه منجىً إنْ لم أبلغ رسالات ربي بلاغًا. ﴿وَرِسَالَاتِهِ﴾: عطف على ﴿بَلَاغًا﴾.
وقوله: ﴿فَإِنَّ لَهُ﴾ الجمهور على كسر الهمزة، وقد ذكر وجهه (٢)، وقرئ: (فأن) بفتحها (٣)، على تقدير: فجزاؤه أنَّ له، كقوله: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ (٤) على معنى: فحكمه أن لله خمسه، قاله الزمخشري (٥).
وقوله: ﴿خَالِدِينَ﴾ حال من الضمير في ﴿لَهُ﴾، وهو في معنى الجمع، والعامل فيها الاستقرار.
﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾ قيل: ﴿حَتَّى﴾ من صلة
(٢) عند إعراب أول هذه السورة.
(٣) قرأها طلحة بن مصرف كما في مختصر الشواذ/١٦٣/. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٤٠٠. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٤٢. والبحر ٨/ ٣٥٤.
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٤١.
(٥) الكشاف ٤/ ١٥٠.