عليه، و "المِنَّةُ تَهْدِمُ الصنيعةَ" (١) لا مِنْ مَنَّ عليه إذا أنعم، لأن حق المضمر أن يكون من جنس المظهر دليلًا عليه، ولذلك لا يجوز أن تقول: لا تَدْنُ من الأسد يأكلْكَ، بالجزم، لأن النفي لا يدل على الإثبات.
وقرئ أيضًا: (تستكثِرَ) بالنصب (٢) بإضمار (أنَّ) كقوله:
٦١١ -............. احْضُرَ الوغَى................ (٣)
على رواية النصب، وتعضده قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (أن تستكثر)، وقد ذكر آنفًا (٤).
قال أبو الفتح: مَن نصبه فهو بدل من قوله: ﴿وَلَا تَمْنُنْ﴾ في المعنى، ألا ترى أن معناه: لا يكن منك مَنّ فاستكثار، فكأنه قال: لا يكن منك مَنّ أن تستكثر، فتضمر (أنْ) لتكون مع الفعل المنصوب بها بدلًا من المنّ في المعنى الذي دل عليه الفعل، فهو كقولك: لا تشتمْه فيشتمَك، أي: لا يكن منك شتم له ولا منّة أن يشتمك، انتهى كلامه (٥).
﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ القائم مقام الفاعل: ﴿فِي النَّاقُورِ﴾. وقيل: القائم مقامه المصدر، دل عليه (نُقِرَ)،

(١) الصحاح (منن).
(٢) قرأها الأعمش كما في المحتسب ٢/ ٣٣٧. والكشاف ٤/ ١٥٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٥٦. والقرطبي ١٩/ ٦٩.
(٣) تقدمت الإشارة إليه قبل قليل.
(٤) أول إعراب هذه الآية.
(٥) المحتسب ٢/ ٣٣٨.


الصفحة التالية
Icon