قال: إنَّ النار هي المنذرة، وحذفت التاء منها على معنى النسب، وكذا التقدير على قول من جعل ذا الحال المنوي في ﴿لَإِحْدَى﴾ أو في ﴿الْكُبَرِ﴾.
والثاني: مفعول به، على معنى: صيرها الله نذيرًا، أو أعني نذيرًا.
والثالث: تمييز من (إحدى) على معنى: إنها لإحدى الدواهي إنذارًا، كما تقول: هي إحدى النساء عفافًا.
والرابع: في موضع المصدر، كقوله: ﴿فكيف كان نكيري﴾ (١) أي: إنكاري، أي: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة إنذارًا.
وقرئ: (نذيرٌ) بالرفع (٢)، على أنه خبر بعد خبر لإنَّ، أو خبر مبتدأ محذوف.
وقوله: ﴿لِمَنْ شَاءَ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: بدل من قوله: ﴿لِلْبَشَرِ﴾ بإعادة الجار، على أنها منذرة للمكلفين الممكنين الذين إن شاؤوا تقدموا إلى الجنة بالطاعة ففازوا، وإن شاؤوا تأخروا عنها بالمعصية فهلكوا، أو بالعكس بأن يتقدموا إلى النار بالمعصية أو يتأخروا عنها بالطاعة. و ﴿أَنْ يَتَقَدَّمَ﴾ مفعول ﴿شَاءَ﴾، ﴿أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ عطف عليه.
والثاني: أن قوله: ﴿أَنْ يَتَقَدَّمَ﴾ في محل الرفع بالابتداء وخبره ﴿لِمَنْ شَاءَ﴾، أي: التقدم أو التأخر لمن شاء، والمراد بهما السبق إلى الخير أو التخلف عنه، كقوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (٣).

(١) سورة الملك، الآية: ١٨. وأُثبتتْ ياء (نكيري) على قراءة ورش في الوصل، ويعقوب في الحالين. انظر التذكرة ٢/ ٥٩٤. والنشر ٢/ ٣٨٩.
(٢) قرأها أبي بن كعب - رضي الله عنه - كما في معاني الفراء ٣/ ٢٠٥. والكشاف ٤/ ١٦١. ونسبها ابن عطية ١٩/ ١٦٥. والقرطبي ١٩/ ٨٦ إلى ابن أبي عبلة. وهي إلى الاثنين في البحر ٨/ ٣٧٩.
(٣) سورة الكهف، الآية: ٢٩.


الصفحة التالية
Icon