قوله عز وجل: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ انتصاب ﴿مُعْرِضِينَ﴾ على الحال من الضمير المجرور في ﴿لَهُمْ﴾، كما تقول: مالك واقفًا؟ ﴿عَنِ التَّذْكِرَةِ﴾: من صلة ﴿مُعْرِضِينَ﴾، والعامل فيهما اللام لنيابته عن الفعل.
وقوله: ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ محل الكاف النصب على الحال، إما من المنوي في ﴿مُعْرِضِينَ﴾ على قول من جوز حالين من ذي حال واحدة، أي: مشبهين حمرًا.
و﴿مُسْتَنْفِرَةٌ﴾ بكسر الفاء بمعنى نافرة، فهي فاعلة، ونَفَرَ واستنفر بمعنى، كعجب واستعجب. وقرئ أيضًا: (مُسْتَنْفَرَةٌ) بفتحها (١)، على أنها مفعولة، أي مذعورة، يقال: استنفرتُ الوحشَ، أي ذَعَرْتَهُ، كأنك طلبت منه النفار.
وقوله: ﴿صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ الجمهور على ضم الحاء وفتح النون وتشديد الشين، وقرئ: (صُحْفًا) بإسكان الحاء تخفيفًا، (مُنْشَرَةً) بإسكان النون وتخفيف الشين (٢)، على أنَّ أَنْشَرَ الصحفَ ونَشَّرَهَا بمعنًى، كما أنَّ أنزله ونَزَّله كذلك، وإن كان المشهور في الاستعمال عند القوم نَشَرْتُ الثوبَ ونحوه، وأَنْشَرَ الله جل ذكره الموتى فنشروا، ويمكن أن يقال: إنه شبه الصحيفة بالميت، كأنها بطيّها ميتة، فإذا أنشرت حييت، فهي مُنْشَرة، كما شبه إحياء الميت بنَشْرِ الثوبِ وشبهه، فقيل فيه: نَشَرَ اللهُ الميتَ، وهي لغة مشهورة ذكرها أهل اللغة، وبها قرأ بعض القراء: (كيف نَنشُرها) بفتح النون الأولى وضم الشين (٣).

(١) قرأها المدنيان، وابن عامر، وقرأ الباقون بكسر الفاء. انظر السبعة/ ٦٦٠/. والحجة ٦/ ٣٤١. والمبسوط/ ٤٥٢/. والتذكرة ٢/ ٦٠٤.
(٢) قرأها سعيد بن جبير كما في مختصر الشواذ / ١٦٥/. والمحتسب ٢/ ٣٤٠. والكشاف ٤/ ١٦٢. والمحرر الوجيز ١٦/ ١٦٨.
(٣) الآية (٢٥٩) من البقرة. وقد خرجت هذه القراءة عند إعرابها هناك.


الصفحة التالية
Icon