المكروه أولى لك من غيره، وهذا ليس بشيء، لأن أبا زيد (١) حكى عن القوم أنهم يقولون: أَوْلاةُ الآن، إذا أوعدوا، فدخول علامة التأنيث، يدل على أنه ليس بأفعل من كذا، وأَنَّ من قال: إن وزنه فعلى، فألفه للإلحاق لا للتأنيث.
وقيل: أولى أفعل من الويل بعد القلب، وأصله أويل، فقلب فقدم اللام على الياء، كشائك وشاكي، وهاير وهاري، والمعنى: ويل لك، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره.
وأحسن ما قيل فيه: إنه اسم للفعل مبني، أي: وليك شَرٌّ فاحذره. وإنما كرر (أولى) للتأكيد. وحذف (لك) من الثاني لدلالة الأول عليه.
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ الاستفهام بمعنى التوبيخ، و ﴿أَنْ﴾ سدت مسد مفعولي الحسبان، ومحل ﴿سُدًى﴾ النصب على الحال من المنوي في ﴿أَنْ يُتْرَكَ﴾، وألفه منقلبه عن ياء، ولذلك أماله أصحاب الإمالة في الوقف لا عن واو كما زعم بعضهم (٢)، وكفاك دليلًا، إمالة القراء لها في حال الوقف (٣)، والرسم لأن فيه بالياء. ومعناه: مُهْمَلًا لا يُؤْمَر ولا يُنْهَى عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٤)، يقال: أسْدَيْتُ الشيء، إذا تركته سُدًى، أي: مهملًا.
(٢) هو العكبري ٢/ ١٢٥٦.
(٣) وقف عليه يحيى، وحمزة، والكسائي بالإمالة، انظر التذكرة ٢/ ٤٣١.
(٤) أخرجه الطبري ٢٩/ ٢٠٠ - ٢٠١ عنه وعن مجاهد.