موضوعًا له، والمعنى: إن شكر وإن كفر فقد هديناه السبيل.
قال قتادة: إما شاكرًا للنعمة، وإما كافرًا لها (١).
وقال غيره: إما موحدًا وإما مشركًا (٢).
الزمخشري: ويجوز أن يكونا حالين من ﴿السَّبِيلَ﴾، أي: عَرَّفْناه السبيل إمَّا سبيلًا شاكرًا وإما سبيلًا كفورًا، كقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ (٣) ثم قال: وَوَصْفُ السبيلِ بالشكر والكفر مجازٌ، انتهى كلامه (٤). وهو من التعسف.
وقيل: حالان من الهاء في ﴿فَجَعَلْنَاهُ﴾، وجعلناه بمعنى خلقناه، والتقدير: إما نجعله شاكرًا وإما كفورًا (٥).
وقيل: من الإنسان، والتقدير: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه، إما شاكرًا وإما كفورًا (٦).
وعن بعض أهل الكوفة: أنَّ (إنْ) في (إما) هنا للجزاء، و (ما) صلة، وأباه أصحابُنا، إذ لا تدخل (إنْ) التي للجزاء على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل، نحو: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾ (٧) ولو أضمر هنا للزم رفع شاكر وكفور بذلك الفعل، وأيضًا فإنه ليس في الكلام دليل على الفعل المضمر (٨).
(٢) قاله يحيى بن سلام كما في النكت والعيون ٦/ ١٦٤.
(٣) سورة البلد، الآية: ١٠.
(٤) الكشاف ٤/ ١٦٧.
(٥) قاله مكي ٢/ ٤٣٤.
(٦) اقتصر النحاس على هذا الوجه ٣/ ٥٧٢. وانظره في المشكل ٢/ ٤٣٥ - ٤٣٦.
(٧) سورة التوبة، الآية: ٦.
(٨) انظر المذهبين في مشكل مكي ٢/ ٤٣٥.