وقد جوز أن يكون مصدرًا بمعنى العَيْش، على تقدير حذف المضاف، أي: وقت معاش، يقال: عاش يعيش عيشًا ومعاشًا بمعنى، فأما الليل: فهو لباس بغشيانه، بشهادة قوله جل ذكره: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ (١) أي يغشى النهار، أي يستره بظلمته، أو الخلق، أي يعلوهم ويعمهم على ما فسر (٢).
وقوله: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ انتصاب قوله: ﴿أَزْوَاجًا﴾ على الحال، لأن خَلَقَ يتعدى إلى مفعول واحد، وقد استوفاه، أي: متجانسين متشابهين، أو مختلفين على من قال: ذكورًا وإناثًا.
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا﴾ الجعل هنا بمعنى الخلق، فلذلك تعدى إلى مفعول واحد، ولا يجوز أن يكون بمعنى التصيير، لأن جَعْلَ الشمسِ سراجًا ليس بانتقال من حال إلى حال، كجعل الثوب قميصًا.
وقوله: ﴿وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا﴾ أي: وأشجار جناتٍ، فحذف المضاف. و ﴿أَلْفَافًا﴾ يجوز أن يكون جمع لِفٍّ، كأجذاعٍ في جمعِ جِذع، وأن يكون جمع لفيفٍ، كأشرافٍ في جمع شريفٍ، وأن يكون جمع لُفٍّ، ولُفٌّ جمع لَفَّاءَ، كحُمْرٍ في حمراء، فيكون جمع الجمع، فاعرفه (٣).
﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (٣٠﴾:
(٢) الأول لابن جبر، والثاني لقتادة. انظر النكت والعيون ٦/ ٢٨٦.
(٣) انظر فيه أيضًا إعراب النحاس ٣/ ٦٠٣.