ومعنى ﴿دَحَاهَا﴾: بسطها، يقال: دحوت البساط، أي: بسطته، ومهدته.
وقوله: ﴿وَأَخْرَجَ﴾ فيه وجهان، أحدهما: تفسير لقوله: ﴿دَحَاهَا﴾، والثاني: حال و (قد) معه مرادة، فلذلك عَرِيَ عن العاطف، فاعرفه.
وقوله: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ قرئ: بالنصب، وعليه الجمهور، أي: وأرسى الجبال. والرفع (١) والقول فيه كالقول في (الأرضَ).
وقوله: ﴿مَتَاعًا﴾ يجوز أن يكون مصدرًا مؤكدًا لفعله، وفعله محذوف يدل عليه سياق الكلام، أي: متعناكم بها متاعًا، أي: تمتيعًا، والمتاع: بمعنى التمتيع، كالسلام بمعنى التسليم. وأن يكون في موضع الحال من المنوي في ﴿أَخْرَجَ﴾، أي: ممتِعًا لكم، وأن يكون مفعولًا له، أي: فعلنا ذلك تمتيعًا لكم ولأنعامكم.
فإن قلت: قوله: ﴿وَمَرْعَاهَا﴾، ما المرعى هنا؟ قلت: يجوز أن يكون هو الرِعْيَ، والرعيُ: الكلأُ، أي: ورعيها، وأن يكون مصدرًا سمي المفعول به كَخَلْقِ الله، وصَيْدِ الصائدِ. وأن يكون موضع الرعي، والتقدير على هذا: أخرج منها ماءها وخلق فيها مرعاها، فاعرفه فإنه موطن.
﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ﴾ (يوم) يجوز أن يكون بدلًا من (إذا)، وأن يكون ظرفًا لقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ﴾، يعني أن مجيء الطامة إنما يكون في هذا اليوم، فأما جواب (إذا) فقوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴾ وما بعده، والتقدير: فإذا جاءت الطامة الكبرى كانت أحوال الطغاة