﴿أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾، أي: أنت ذِكُرٌ من ذكراها، وعلامة من علاماتها، كما قال عليه الصلاة والسلام: "بعثت والساعة كهاتين" (١).
وقوله: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ (منتهاها) مبتدأ، و ﴿إِلَى رَبِّكَ﴾ خبره، أي: إلى ربك منتهى علم الساعة، فحذف المضاف لحصول العلم به، أي: ينتهي إليه علمها.
وقوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ الجمهور على ترك التنوين والإضافة، وقرئ: (منذرٌ من يخشاها) (٢)، وكفاك دليلًا: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ (٣) والإضافة تخفيف، وقد جوز أن يكون كلاهما للحال أو الاستقبال، ويجوز أن يراد المضي على قراءة الجمهور، لأنه قد فَعَلَ الإنذارَ.
وقوله: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا﴾ (يوم) ظرف لما في (كأن) من معنى التشبيه. ﴿لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ أي: عشية يوم أو ضحى تلك العشية، أي: آخر يوم أو أوله، فهو كقوله: ﴿لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ﴾ (٤). والله تعالى أعلم بكتابه.
هذا آخر إعراب سورة النازعات
والحمد لله وحده

(١) وتمامه: يشير بالسبابة والوسطى. وهو متفق عليه من حديث أنس - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري في الرقاق، باب قول النبي - ﷺ -: "بعثت أنا والساعة.. " (٦٥٠٤). ومسلم في الفتن، باب قرب الساعة (٢٩٥٠) وللحديث طرق أخرى انظر جامع الأصول ١٠/ ٣٨٤ - ٣٨٥.
(٢) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده. انظر المبسوط/ ٤٦١/. والنشر ٢/ ٣٩٨. وهي رواية عباس عن أبي عمرو كما في السبعة / ٦٧٠/. والحجة ٦/ ٣٧٥.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٤٥.
(٤) سورة الأحقاف، الآية: ٣٥.


الصفحة التالية
Icon