وأما (منوة) فاسم صنم كان لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة (١). وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لثقيف (٢) والتاء فيه للتأنيث، والنسبة إليها مَنَوِيّ، وألفها يجوز أن تكون منقلبة عن ياء، وأن تكون منقلبة عن واو.
و﴿الثَّالِثَ﴾: صفة لمناة و ﴿الْأُخْرَى﴾ صفة بعد صفة جيء بها على وجه التوكيد، لأن الثالثة لا تكون إلا للأخرى، ولكن الصفات تُذْكَرُ للتأكيد، كأمسِ المدبرِ، وأمسِ الدابرِ. وقيل: ﴿الْأُخْرَى﴾ صفة للعزى، والتقدير: العزى الأخرى ومناة الثالثة. وقيل: الأخرى ذم، وهي المتأخرة الوضيعة المقدار. وقيل: أصل مناة: مَنْأَة بالهمز، وهو من قولهم: مَنَأتُ، إذا مسحتَ، لأنهم كانوا يمسحونها بأيديهم.
وقرئ: (مَنَاءَةَ) بالمد والهمز، وبتركهما (٣)، وهما لغتان، غير أن المشهور تركهما. قال أبو علي: ولعل مناءة بالمدّ لغةٌ، ولم أسمع بها عن أحد من رواة اللغة، انتهى كلامه (٤).
﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (٢٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ ﴿ضِيزَى﴾. أي: ناقصة، من ضازه حقَّهُ يَضيزُهُ ضَيْزًا، إذا بخسه ونقصه، عن أبي الحسن (٥). فإذا اشتُق
(٢) كذا عنه في الكشاف ٤/ ٣٩.
(٣) العشرة على (مناة) بغير مد ولا همز، إلا ابن كثير، والأعمش في رواية: (مناءة) ممدودة مهموزة. انظر السبعة / ٦١٥/. والحجة ٦/ ٢٣١ - ٢٣٢. والمبسوط / ٤١٩/. والتذكرة ٢/ ٥٦٩.
(٤) الحجة الموضع السابق.
(٥) حكاه عنه الجوهري (ضيز). وهو قول أبي عبيدة في المجاز ٢/ ٢٣٧.