وقوله: ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ (ما) موصول، وعائده يجوز أن يكون محذوفًا، والتقدير: ما أمره به، فحذف الجار أولًا فبقي ما أمرهوه، ثم حذف الهاء العائد ثانيًا. وأن يكون نافيًا على أن المحذوف من الهائين هو العائد إلى الإنسان، والباقي هو العائد إلى الموصول، فاعرفه فإنه موطن.
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)﴾:
قوله عز وجل: (إنّا صببنا) قرئ: بكسر الهمزة على الاستئناف، وبفتحها (١): إما على تقدير اللام، أي: لأِنَّا، وإما على البدل من الطعام، لأن انصباب الماء وَانشقاق الأرض سبب لحدوث الطعام، وهو من بدل الاشتمال، هكذا قاله الشيخ أبو علي رحمه الله، قال: لأن هذه الأشياء تشتمل على كون الطعام وحدوثه وهو موضع الاعتبار (٢). وأما النظر إلى نفس الطعام فليس باعتبار، فالثاني - على قوله - مشتمل على الأول ويجوز أن يشتمل الأول على الثاني، فيكون حدوث الطعام مشتملًا على ما ذُكِرَ بعده من الأشياء فاعرفه (٣).
وقرئ: (أَنّى) بالإمالة (٤)، على معنى: كيف صببنا؟
وقوله: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ﴾ القول فيه كالقول في الذي في "النازعات" (٥).

(١) قرأ الكوفيون الأربعة (أنا) بفتح الهمزة، ووافقهم رويس وصلًا. وقرأ الباقون: (إنا) بكسرها، ووافقهم رويس بالابتداء. انظر السبعة/ ٦٧٢/. والحجة ٦/ ٣٧٨. والمبسوط / ٤٦٢/. والتذكرة ٢/ ٦١٥. والنشر ٢/ ٣٩٨.
(٢) الحجة الموضع السابق.
(٣) انظر في هذا أيضًا كشف مكي ٢/ ٣٦٢. ومشكله ٢/ ٤٥٨ - ٤٥٩.
(٤) مع فتح الألف، ذكرها ابن خالويه في كتابيه المختصر/ ١٦٩/. واعراب القراءات ٢/ ٤٤٠. ونسبها الزمخشري ٤/ ١٨٦ إلى الحسين بن علي. وكذا هي في القرطبي ١٩/ ٢٢١. والبحر ٨/ ٤٢٩.
(٥) حيث أُعرب هناك في الآية (٣٣) منها.


الصفحة التالية
Icon