وأصله: مِمَّا، فحذف الألف من آخرها مع الجار، وهو (مِن) ليقع الفرق بين (ما) الاستفهامية والخبرية، والمعنى: من أي شيء خلقه الله؟.
وقوله: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ على النسب عند أصحابنا، أي: من ماء ذي دَفْقٍ، والدَّفْقُ: صَبٌّ فيه دفع، تقول: دَفَقْتُ الماء أَدْفُقُه دَفْقًا، إذا صببتَهُ، وهو عند الكوفيين بمعنى مدفوق (١).
وقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾، المنوي في يخرج للماء، يعني: من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهي جمع تَرِيبَة، وهي عظام الصدر، حيث تكون القلادة، عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٢)، وفيه أقوال هذا أصحها، وكفاك دليلًا قول امرئ القيس:
٦٢٦ -........................ تَرْائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ (٣)
والسجنجل: المِرآة، وهو روميّ مُعَرَّبٌ (٤).
والصلب معروف، والجمهور على ضم الصاد وإسكان اللام، وقرئ: (من بين الصُّلُب) بضمهما (٥)، و (مِن بين الصَّلَب) بفتحهما (٦). قيل: وفيه
(٢) أخرجه الطجري ٣٠/ ١٤٣.
(٣) من معلقته، وصدره:
مُهَفْهَفَةٌ بيضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ........................
وانظره في معاني الزجاج ٥/ ٣١٢. وشرح القصائد السجع الطوال/ ٥٨/. وجمهرة أشعار العرب/ ١٢٨/. وإعراب النحاس ٣/ ٦٧٥. وإعراب ثلاثين سورة/ ٤٧/. والصحاح (سجل). وإعجاز القرآن للباقلاني/ ١٧٠/. والمعرب/ ١٧٩/. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٧٦. وزاد المسير ٩/ ٨٣.
(٤) كذا في الصحاح والمعرب الموضعين السابقين.
(٥) قرأها عيسى بن عمر، وأهل مكة. انظر إعراب النحاس ٦/ ٦٧٤. ومختصر الشواذ / ١٧١/. وإعراب القراءات ٢/ ٤٦٣ - ٤٦٤. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٧٦. والقرطبي ٢٠/ ٧. ونسبت في زاد المسير ٩/ ٨٢ إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، وابن سيرين، وابن السميفع، وابن أبي عبلة.
(٦) قرأها ابن السميفع اليماني كما في مختصر الشواذ/ ١٧١/. والبحر ٨/ ٤٥٥.