وقرئ: (أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام (١) على أنها التي للتنبيه، و ﴿مَنْ﴾ على هذه القراءة شرطية، والجواب: ﴿فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ﴾، كما تقول: من قام فيكرمه زيد، والمبتدأ بعد الفاء مضمر، أي: فهو يكرمه، وكذا هنا، أي: فهو يعذبه الله، لا بد من هذا التقدير، لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لقيل: يكرمْه يعذبْه الله بالجزم، وقد مضى الكلام على نحو هذا فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا.
و﴿مَنْ﴾ في موضع رفع بالابتداء، وخبره الشرط أو الجواب، وقد ذكر أيضًا نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ﴾ الجمهور على تخفيف ياء ﴿إِيَابَهُمْ﴾، وهو فِعال من آبَ يؤوب أَوْبًا وأَوْبَةً وإيابًا، إذا رجع، كصام يصوم صَومًا وصِيامًا، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها واعتلالها في الفعل.
وقرئ: (إيَّابَهُم) بتشديدها (٣)، وقد جوز أن يكون فِيعالًا مصدر أوَّبْتُ فَوْعَلْتُ من آب، بمنزلة حَوْقَلْتُ، وأتى المصدر على الفِيعال كالحِيقال، أنشد الأصمعي:

٦٢٧ - يا قَوْمِ قَدْ حَوْقَلْتُ أو دَنَوْتُ وبعض حِيقَالِ الرِّجَالِ المَوْتُ (٤)
(١) قرأها ابن عباس، وعمرو بن العاص، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -، وقتادة، وزيد بن أسلم، وزيد بن علي، وسعيد بن جبير. انظر مختصر الشواذ/ ١٧٢/. والمحتسب ٢/ ٣٥٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٩١. وزاد المسير ٩/ ١٠٠. والقرطبي ٢٠/ ٣٧.
(٢) انظر إعرابه للآية (١٦٠) من الأنعام.
(٣) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده. انظر المبسوط/ ٤٦٩/. والنشر ٢/ ٤٠٠. والإتحاف ٢/ ٦٠٦.
(٤) انظر هذا الرجز أيضًا في أمالي القالي ١/ ٢٠. والمحتسب ٢/ ٣٥٨. والصحاح (حقل). والمخصص ١/ ٤٤.


الصفحة التالية
Icon