وقوله: ﴿ثُمَّ كَانَ﴾ عطف على (فَكَّ رقبةٍ) عند من فتح الكاف، ومن ضمها كان عطفًا على قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾. و ﴿ثُمَّ﴾ هنا بمعنى الواو عند قوم، لأن (ثم) يوجب أن الثاني بعد الأول، والإيمان هو السابق المقدم على غيره، ولا يثبت عمل صالح إلا به. وعلى بابه عند آخرين، وفيه وجهان:
أحدهما: جيء به لتراخي الأخبار، والتقدير: ثم أخبركم أنه كان من الذين آمنوا، فيكون لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه، كقوله: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١)، فأخبر جل ذكره أولًا بخلقه من تراب، ثم أخبر ثانيًا بقوله: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ فالترتيب في الخبر لا في الفعل، وله نظائر في التنزيل، وقد ذكر في مواطنه.
والثاني: لتراخي الفعل. و ﴿آمَنُوا﴾ بمعنى: داوموا على الإيمان، فاعرفه فإنه موضع (٢).
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ قرئ: بالهمز وتركه (٣)، من آصدت الباب وأوصدته، إذا أطبقته، لغتان بمعنى، ويجوز أن يكون الهمزة من أوصد كما همز:
٦٢٨ -............ مؤسى..................... (٤)
(٢) انظر الكشاف ٤/ ٢١٤. والبيان ٢/ ٥١٥. والتبيان ٢/ ١٢٨٩.
(٣) كلاهما من المتواتر، وقال ابن مهران: روي عن يعقوب الهمز وغير الهمز، وقرأت بالوجهين، والصحيح عندي عنه ترك الهمز. انظر القراءتين في السبعة / ٦٨٦/. والحجة ٦/ ٤١٦. والمبسوط ٤٧٣ - ٤٧٤. والتذكرة ٢/ ٦٢٨.
(٤) كلمة من بيت لجرير، وتمامه:
لحبّ المؤقدان إلى موسى | وجَعْدَةً إذ أضاءهما الوقود |