أي: سوّى أبنيتهم بهدمها وإخرابها (١).
وقوله: ﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ قرئ: بالواو (٢)، ومحل الجملة النصب على الحال من المنوي في ﴿فَسَوَّاهَا﴾ الراجع إلى الله جل ذكره، أي: فسواها غير خائف عقبى ما صنع بهم من الإهلاك، أي: عاقِبَتَها وتَبِعَتَها كما يخاف الملوك والولاة، عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٣).
وقيل: فاعل الفعل الذي هو ﴿يَخَافُ﴾ صالح - عليه السلام -، لأن الله تعالى نجاه حين أهلكهم، وكان قد وعده بالنجاة حين أوعدهم (٤).
وقيل: العاقر، أي: انبعث أشقاها غير خائف عقبى فعلته (٥).
وقرئ: (فلا يخاف) بالفاء (٦) عطفًا على ما قبله، والمنوي فيه لله عز وجل، أي: فلا يخاف الله تبعة ما أنزل بهم. والفرق بين الفاء والواو: أن الفاء إذا عطف بها كان الثاني من سبب الأول، لأن الفاء فيها معنى الجواب وهي للترتيب، وليست الواو كذلك. وقال الشيخ أبو علي: الفاء للعطف على قوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ (فلا يخافُ)، كأنه تبع تكذيبهم وعقرهم أن لم يخافوا، انتهى كلامه (٧). فالمنوي في (فلا يخاف) على قوله للعاقر، وهو واحد على قول الجمهور، وإنما نسب العقر إلى جميعهم لرضاهم بفعله، فاعرفه.
(٢) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٣) انظر جامع البيان ٣٠/ ٢١٥. ومعالم التنزيل ٤/ ٤٩٤.
(٤) انظر هذا القول في معاني الزجاج ٥/ ٣٣٣. والنكت والعيون ٦/ ٢٨٥.
(٥) هذا قول الضحاك، والسدي كما في جامع البيان ٣٠/ ٢١٥. وقول الحسن كما في النكت والعيون ٦/ ٢٨٥.
(٦) قرأها المدنيان، وابن عامر. انظر السبعة / ٦٨٩/. والحجة ٦/ ٤٢٠. والمبسوط / ٤٧٤/. والتذكرة ٢/ ٦٢٩. وقالوا: كذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام.
(٧) الحجة الموضع السابق.