(١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)}:
قوله عز وجل: ﴿يَتَزَكَّى﴾ في موضعِ نصب على الحال من المنوي في ﴿يُؤْتِي﴾ أي: يؤتيه متزكيًا، أي: مُخرِجًا للزكاة. وقيل: طالبًا لأن يكون زاكيًا عند الله، لا للرياء والسمعة. وقيل: متطهرًا من ذنوبه، أي: يقصد بهذا الإنفاق تكفير الذنوب.
وقيل: هو بدل من ﴿يُؤْتِي﴾ فلا محل له على هذا، لأنه داخل في حكم الصلة، والصلات لا محل لها من الإعراب (١).
وقوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ﴾ الجمهور على نصبه، ونصبه على الاستثناء المنقطع؛ و (إلا) بمعنى لكن، أي: لكن فعل ذلك ابتغاء وجهه، أي: لابتغاء وجهه، فهو في الحقيقة مفعول له. وقيل: الاستثناء محمول على المعنى، والتقدير: لم يعط ماله لشيء إلا لابتغاء وجه ربه، والابتغاء: المطلب، أي: إلا لطلب التوجه إلى ربه الأعلى (٢).
وقرئ: (إلا ابتغاءُ) بالرفع (٣) على البدل من ﴿نِّعْمَةٍ﴾ على المحل، على لغة من يقول: ما في الدار أحدٌ إلا حمارٌ، بالرفع، ومنه قوله:

٦٢٩ - وَبَلْدةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ إِلَّا اليَعَافِيرُ وإلَّا العِيسُ (٤)
اليعافير: بدل من أنيس، واليعافير جمع يَعْفُور، واليعفور الخِشْفُ،
(١) انظر الوجهين في الكشاف ٤/ ٣١٨.
(٢) انظر هذا القول عند الزمخشري الموضع السابق، وهو للفراء قبله ٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٣) قرأها يحيى بن وثاب كما في مختصر الشواذ/ ١٧٤/. والكشاف ٤/ ٣١٨. والقرطبي ٢٠/ ٨٩. والبحر ٨/ ٤٨٤.
(٤) هذا الرجز لحران العود عامر بن الحارث النميري، وهو من الشواهد النحوية المشهورة، وقد تقدم برقم (١٧٢).


الصفحة التالية
Icon