ولا يقال: أعطيتُني درهمًا (١).
وقرئ: (رَأهُ) بغير ألف بعد الهمزة بوزن (رعه) (٢)، ووجه ذلك أنَّ من العرب من يحذف اللام من الكلم، نحو: ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ (٣)، وأنشد رؤبة:
٦٣٥ - * وَصَّانِيَ العَجَّاجُ فيما وَصَّنِي (٤) *
أراد: فيما وصاني. وعن بعض العرب: أصاب الناس جَهْدٌ ولو ترَ أهل مكَّة (٥). أراد: ولو ترى، فحذف الألف لدلالة الفتحة عليها، وقد مضى الكلام على هذا في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة بأشبع من هذا، فأغنى عن الإعادة هنا.
وقوله: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا﴾ (الذي ينهى) مع الجملة الشرطية وهي: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ﴾ في موضع المفعولين لـ (رأيت)، وجواب الشرط محذوف تقديره: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى، وإنما حذف لدلالة ذِكره في جواب الشرط الثاني، وجاز أن يكون ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ﴾ جوابًا للشرط كما جاز في قولك: إن أكرمتك أتكرمني؟ وإن أَحْسَنَ إليك فلان هل تحسن إليه؟ و ﴿أَرَأَيْتَ﴾ الثانية مكررة للتوكيد، فاعرفه فإنه كان كلام الزمخشري (٦).
﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)﴾:

(١) انظر في هذا أيضًا إعراب ثلاثين سورة/ ١٣٧/.
(٢) رواية عن قنبل عن ابن كثير. انظر السبعة / ٦٩٢/. والحجة ٦/ ٤٢٣. والتذكرة ٢/ ٦٣٣. والكشف ٢/ ٣٨٣. والنشر ٢/ ٤٠١.
(٣) انظر إعرابه للآية (٣١) من "يوسف".
(٤) انظره أيضًا في الخصائص ٢/ ٣١٧. والحجة ٦/ ٤٢٤. والبحر المحيط ٨/ ٤٩٣. والدر المصون ١١/ ٥٨.
(٥) انظر هذا في كشف مكي ٢/ ٣٨٣. ومشكله ٢/ ٤٨٥.
(٦) الكشاف ٤/ ٢٢٤.


الصفحة التالية
Icon