منه، عن الفراء (١). وأنكر الشيخ أبو علي ذلك، وقال: وهمز من همز البريئة، يدل على فساد قول من قال: إنه من البرا الذي هو التراب، ألا ترى أنه لو كان كذلك لم يجز همز من همزه على حالٍ إلا على وجه الغلط، كما حكوا: استلأمت الحجر، ونحو ذلك من الغلط الذي لا وجه له في الهمز، انتهى كلامه (٢).
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ قرئ: (هُمْ خِيَارُ البِرَيَّةِ) بكسر الخاء، وألف بعد الياء (٣). وقد جوز أن يكون جمع خَيِّر، كجياد وكياس في جمع جَيّد وكَيّس، وأن يكون جمع خائر كقيام في قائم، تقول: خِرْتُ فلانًا فهو مخير، وأنا خائر له، وأن يكون جمع خَيْر الذي هو ضد الشر، كقولك: هذا رجل مجبول من خير، وأن يكون جمع خير الذي هو بمعنى أخير، وقد جُمع أَفْعَلُ على فِعالٍ نحو: أَبْخَل وبِخال، فاعرفه فإنه من كلام أبي الفتح (٤).
وقوله: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ (جزاؤهم) مبتدأ و ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ خبره، وفي الكلام حذف مضاف، أي: دخول جنات. و ﴿عِنْدَ﴾: ظرف للجزاء.
(٢) الحجة ٦/ ٤٢٨.
(٣) قرأها عامر بن عبد الواحد كما في مختصر الشواذ / ١٧٧/. والمحتسب ٢/ ٣٦٩. وعزاها ابن خالويه في إعراب القراءات ٢/ ٥١٢ إلى أبي الأسود الدؤلي. كما أضافها أبو حيان ٨/ ٤٩٩ إلى حميد أيضًا.
(٤) المحتسب الموضع السابق.