قوله: ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)﴾ فلا يجوز أن يعمل فيه ﴿يَعْلَمُ﴾ كما زعم قوم (١)، لأن الإنسان لا يراد منه العلم في ذلك الوقت، إنما يراد في الدنيا، على معنى: أفلا يعلم الإنسان الآن أن الله تعالى عالم به إذا بعثر فيجازيه، اللهم إلا على وجه التهديد والوعيد، فحينئذٍ يجوز أن يعمل فيه ﴿يَعْلَمُ﴾. ولا ﴿بُعْثِرَ﴾ كما زعم آحْرون (٢)، لأنه أضيف إليه ﴿إِذَا﴾، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف. ولا (خبير)، لأن ما بعد ﴿إِنَّ﴾ لا يعمل فيما قبله. وإذا كان كذلك ثبت أن العامل فيه مدلول المذكور، أي: أفلا يعلم الإنسان في الدنيا أن الله تعالى مجازيه إذا بعثر، أو أفلا يعلم عِلْمَ الله به إذا بعثر؟
وأما ﴿يَوْمَئِذٍ﴾: فيجوز أن يكون معمول قوله: ﴿لَخَبِيرٌ﴾ وإن حال بينهما اللام، لأن حكم هذا اللام أن يكون أولًا، وإنما أخر لأجل في خول ﴿إِنَّ﴾ على الابتداء حتى لا يجتمع حرفا تأكيد، وجاز أن يكون ظرفًا لـ (خبير) وإن كان الله جل ذكره عالمًا بهم في جميع الأوقات والأزمان، لأن الجزاء يقع حينئذٍ، وقد جوز أن يكون ظرفًا لقوله: ﴿وَحُصِّلَ﴾، أي: حصل ما في الصدور يومئذٍ، والوجه هو الأول، وعليه الجمهور، والله تعالى أعلم بكتابه.
هذا آخر إعراب سورة والعاديات
والحمد لله وحده

(١) هو العكبري ٢/ ١٣٠٠.
(٢) هو المبرد كما في إعراب النحاس ٣/ ٧٥٧. ومشكل مكي ٢/ ٤٩٤.


الصفحة التالية
Icon