فالجواب: أن معنى ﴿عَنْ﴾ أنهم ساهون عنها لقلة التفاتهم إليها، وذلك فعل المنافقين أو الفسقة المسلمين. ومعنى (في) أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة الشيطان، أو حديث النفس، وذلك لا يكاد يخلو أحد منه (١).
وقوله: ﴿يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ المراءاة مفاعلة من الرياء، وقد مضى الكلام عليها فيما سلف من الكتاب بأشبع ما يكون (٢).
والماعون: ما يتداوله الناس من نحو: الفأس، والقدر، والدلو، عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٣).
وقيل: الماعون في الجاهلية: كل منفعة وعطية، قال الأعشى:

٦٤١ - بأَجْوَدَ منه بِمَاعُونِه إذا ما سماؤُهُمُ لم تغِمْ (٤)
وفي الإسلام: الطاعة والزكاة، وأنشد:
٦٤٢ - قَومٌ على الإسلامِ لَمَّا يمنعوا ما عُونهم ويضيعوا التهليلا (٥)
وعن ابن عيسى: الماعون: الشيء القليل القيمة (٦). ويسمى الماءُ أيضًا ماعونًا، وينشد:
٦٤٣ - يَمُجُّ صَبِير الماعُونَ صَبًّا...................... (٧)
(١) انظر الكشاف ٤/ ٢٣٦.
(٢) انظر إعرابه للآية (١٤٢) من النساء.
(٣) أخرجه الطبري ٣٠/ ٣١٧ - ٣١٩ عنه وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -. وانظر النكت والعيون ٦/ ٣٥٣.
(٤) انظر بيت الأعشى هذا في مجاز القرآن ٢/ ٣١٣. ومعاني الزجاج ٥/ ٣٦٨. وجامع البيان ٣٠/ ٣١٤. والصحاح (معن). والنكت والعيون ٦/ ٣٥٣.
(٥) هذا البيت لعبيد الراعي، وانظره في مجاز القرآن، ومعاني الزجاج، وجامع البيان، والصحاح، والنكت والعيون المواضع نفسها. وانظره أيضًا في الكشاف ٤/ ٢٣٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٧١.
(٦) النكت والعيون ٦/ ٣٥٣ عنه وعن الطبري.
(٧) لم أجد من نسبه، وعجزه:
.................. إذا نَسَمٌ من الهَيْفِ اعتراهُ =


الصفحة التالية
Icon