أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢)}:
قوله عز وجل: ﴿مَجْنُونٌ﴾ أي: هو مجنون، وازدجر، أي: وزُجر عن تبليغ الرسالة بالوعيد والسب.
وقوله: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي﴾ الجمهور على فتح الهمزة، أي: بأني، وقرئ: (إني) بالكسر (١)، إما على إرادة القول، أو لأن الدعاء نوع من القول، وقوله: ﴿فَانْتَصِرْ﴾ أي: فانتصر لي.
وقوله: ﴿بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ الانهمار: الانصباب بكثرة.
وقوله: ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ انتصاب ﴿عُيُونًا﴾ يحتمل أوجهًا: أن يكون تمييزًا على أن الأصل، والتقدير: وفَجَّرنا عيونَ الأرض، فلما نُقل الفعل عن العيون انتصب على التمييز. وأن يكون حالًا. وأن يكون مفعولًا به ثانيًا، على تضمين التَّفَجِير معنى التصيير. وأن يكون مفعولًا به، على تقدير: وفجَّرنا من الأرض عيونًا، وكفاك دليلًا (حتى تُفَجِّرَ لنا من الأرض ينبوعًا) (٢).
وقرئ: (وفَجَرْنا) بتخفيف الجيم (٣)، وهو الأصل.
وقوله: ﴿فَالْتَقَى الْمَاءُ﴾، أي: الماءان، ماء السماء من فوقهم، وماء الأرض من تحتهم، وإنما أفرد والمراد به النوعان: السماوي والأرضي، لأن الماء اسم للجنس، وأيضًا فإن الالتقاء لا يكون إلا من اثنين فصاعدًا.

(١) قرأها عيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق. انظر إعراب النحاس ٣/ ٢٨٤. ومختصر الشواذ /١٤٧/. ونسبها ابن عطية ١٥/ ٢٩٨ إليهما وإلى عاصم، وليست من المتوتر.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٩٠. على قراءة متواترة تقدمت في موضعها وخرجتها هناك.
(٣) قرأها ابن مسعود -رضي الله عنه-، وأصحابه، والمفضل عن عاصم، وأبو حيوة. انظر مختصر الشواذ / ١٤٧/. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٩٩. والبحر ٨/ ١٧٧.


الصفحة التالية
Icon