الناس كائنين من الجِنَّة والناس. وأن يكون بدلًا من قوله: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ﴾، فيكون قوله: ﴿النَّاسِ﴾ عطفًا على ﴿الْجِنَّةِ﴾ أيضًا، والتقدير: أعوذ به من شر الوسواس من شر الجِنَّة والناس، وإن شئت قدرت حذف المضاف، أي: من شر ذي الوسواس، وإن شئت لم تقدر على ما ذكر قبيل، وأن يكون بيانًا لـ ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ﴾، فيكون في موضع الحال من المنوي في ﴿يُوَسْوِسُ﴾، أي: كائنًا من الجنة والناس، وأن يكون ﴿مِنَ﴾ لابتداء الغاية من صلة ﴿يُوَسْوِسُ﴾، أي: في صدورهم من جهة الجن، ومن جهة الناس.
وقال أبو جعفر: سألت علي بن سليمان الأخفش عن قوله عز وجل: ﴿وَالنَّاسِ﴾ كيف يُعْطَفون على ﴿الْجِنَّةِ﴾ في قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ وهم لا يوسوسون؟ فقال لي: هم معطوفون على ﴿الْوَسْوَاسِ﴾، والتقدير: قل أعوذ برب الناس من شر الوسواس والناس، انتهى كلامه (١).
قلت: رحم الله علي بن سليمان الأخفش نظر في معنًى وفاتته المعاني والتقديرات المذكورة إن قال ذلك معتقدًا أنه لا يجوز غيره.
و﴿الْجِنَّةِ﴾ جمع جنّي، كإنْسٍ في إِنْسيٍّ، والتاء للجمع كالتي في البعولة والعمومة، والله تعالى أعلم بكتابه. [والحمد لله على نعمائه، وأشكره على جزيل عطائه، وأستعينه عند مصائبه وبلائه، وهو حسبي ونعم الوكيل] (٢).
هذا آخر إعراب سورة الناس
والحمد لله وحده
(٢) ما بين المعكوفيتن من (أ) فقط. وفي (جـ): تم الكتاب بعون الله الملك الوهاب.