على أنه مفعول به بفعل مضمر، أي: فتركهم مثل أعجاز نخل منقعر (١). وذُكّر ﴿مُنْقَعِرٍ﴾ على اللفظ، ولو حُمِل على المعنى لأُنِّثَ كما جاء في الأخرى ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ (٢)، والمنقعر: المنقطع (٣) عن أصله، وقَعْرُ الشيء: أصله. والنخل جمع نخلة، وهو اسم جنس يجوز فيه التذكير والتأنيث.
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا﴾ الجمهور على نصب قوله: ﴿أَبَشَرًا﴾، وانتصابه بفعل مضمر يفسره ﴿نَتَّبِعُهُ﴾، أي: أنتجع بشرًا، و ﴿مِنَّا﴾ نعت له، وكذا ﴿وَاحِدًا﴾ نعت بعد نعت. ولك أن تنصب ﴿وَاحِدًا﴾ على الحال، إما من قوله: (بشرًا) لكونه قد وصف، وإما من المنوي في ﴿مِنَّا﴾ والعامل الظرف عينه، وإما من الضمير المنصوب في ﴿نَتَّبِعُهُ﴾، أي: منفردًا لا ناصر له.
وقرئ: (أَبَشَرٌ مِنَّا) بالرفع (٤)، ورفعه إما على الابتداء والخبر ﴿نَتَّبِعُهُ﴾، وإما على الفاعلية بإضمار فعل يدل عليه (أُلْقِيَ)، والتقدير: أَيُنَبَّأُ، أو: أيبعثُ بشر منا؟ و ﴿وَاحِدًا﴾ على هذه القراءة حال ليس إلا من أحد المذكورات، لا إذا رفعت (أبشر) بالابتداء، فإنه لا يجوز أن يكون حالًا منه لعدم العامل، لأن الابتداء لا يعمل في الأحوال، فاعرفه فإنه موضع.
(٢) سورة الحاقة، الآية: ٧.
(٣) في (ب) و (ج): المنقلع.
(٤) قرأها أبو السمال كما في المحتسب ٢/ ٢٩٨. والمحرر الوجيز ١٥/ ٣٠٥. والقرطبي ١٧/ ١٣٧ - ١٣٨.