الله جل ذكره، والمنوي فيه له سبحانه، ونصب (اللؤلؤَ والمرجانَ) (١) وهو ظاهر. وقرئ أيضًا كذلك غير أنه بالنون (٢).
قيل: وإنما قيل: ﴿مِنْهُمَا﴾ وهما يخرجان من أحدهما وهو الملح، لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما، كما يقال: يخرجان من البحر، ولا يخرجان من جميع البحر، ولكن من بعضه (٣). وقيل: التقدير: من أحدهما، فحذف المضاف (٤).
﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٨) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ﴾ قرئ: بفتح الشين على: أُنشِئَتْ فهي مُنْشَأة، بمعنى: أُجريت فهي مجراة، وهو الوجه، لأنها فُعِلَ بها الإنشاء، وقرئ: بكسرها (٥)، على إسناد الفعل إليها على وجه الاتساع، والتقدير: المنشِئاتُ السيرَ، فحذف المفعول للعلم به.
(٢) رواها حسين الجعفي عن أبي عمرو أيضًا. انظر المحرر الوجيز ١٥/ ٣٣٢.
(٣) انظر معنى هذا القول في معاني الزجاج ٥/ ١٠٠.
(٤) قاله الفارسي في الحجة ٦/ ٢٤٧. ومكي في المشكل ٢/ ٣٤٤. وثمة قول ثالث للطبري ٢٧/ ١٣٢. وانتصر له النحاس ٣/ ٣٠٥. هو أن المراد (منهما) على الحقيقة لا المجاز، يعني أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من التقاء ماء السماء بصدف البحر، وذلك أن السماء إذا أمطرت تفتحت لها الأصداف، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ، رُوي ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٥) قرأ حمزة، وأبو بكر في رواية: (المنشِئات) بكسر الشين. وفتحها الباقون. انظر السبعة ٦١٩ - ٦٢٠. والحجة ٦/ ٢٤٨. والمبسوط/ ٤٢٤/. والتذكرة ٢/ ٥٧٦.