التي هي ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا﴾، والثانية (خافِضَةً)، والثالثة (رافِعَةً). وجاز ذلك وحسن، أعني كثرة الأحوال، لأن الحال نوع من الخبر، فكما جاز لك أن تأتي للمبتدأ بأخبار، كذلك يجوز أن تأتي بأحوال.
وقوله: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾ يجوز أن تكون بدلًا من ﴿إِذَا﴾ الأولى. وأن تكون خبرًا لها كما شُرح. وأن تكون ظرفًا لـ ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾ أي: تخفض وترفع وقت رَجّ الأرضِ وبَسِّ الجبال. وأن لكون مفعولًا به بمعنى: اذكر وقت رجّ الأرض، و ﴿رَجًّا﴾ مصدر مؤكد لفعله، وكذا ﴿بَسًّا﴾.
وقوله: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ مبتدأ. ﴿مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ جملة من مبتدأ وخبر، والجملة خبر ﴿أَصْحَابُ﴾ الذي هو المبتدأ الأول، والمعنى: وأصحاب الميمنة ما هم؟ فلذلك جاز ألا يعود على المبتدأ الأول عائدٌ من المجملة، لأن ﴿أَصْحَابُ﴾ الثاني هو الأول، فهو محمول على المعنى دون اللفظ، وظهور الاسم الثاني بعد تقدمه، ولم يأت مضمرًا، لأنه أفخم وأشد في التعظيم. وكذا ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ حكمُهُ حكمُه في جميع ما ذكرت.
﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)﴾:
فأما قوله عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ﴾ فيجوز أن يكون مبتدأ ويكون ﴿السَّابِقُونَ﴾ الثاني خبره، والتقدير: والسابقون إلى الأعمال الصالحة السابقون