نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم: ٢٨ - ٢٩]. قال: فهم الذين قُتلوا يوم بدر).
٣ - وقيل: بل هي عامة في كل شقي بكفره.
فقد قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (كان رسول الله - ﷺ - يحرصُ أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول).
وهذا المعنى الأخير أشمل وأوسع مما قبله، وهو يناسب سياق الآيات، فقد كتب الله الشقاء على من اختار جحود أمره وشرعه ونعمته، فسواء عليهم إنذارك يا محمد وعدمه. كما قال جل ذكره: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٩٦ - ٩٧]. وكما قال سبحانه: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ [البقرة: ١٤٥].
لقد أخرج الإمام أحمد في المسند، والنسائي في السنن، بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: [خرج علينا رسول الله - ﷺ - وفي يده كتابان، فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قال: قلنا لا إلا أن تُخبِرَنا يا رسول الله، فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أُجْمِلَ على آخرهم، فلا يُزاد فيهم ولا يُنْقَصُ منهم أبدًا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدًا. فقال أصحاب رسول الله - ﷺ - فلأي شيء إذن نعمَلُ إن كان هذا أمْرًا قد فُرغ منه؟ قال رسول الله - ﷺ -: سدِّدوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال بيده فقبضها، ثم قال: فرغ ربكم عز وجل من العباد، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال: فريق في الجنة، ونبذ باليسرى فقال: فريق في السعير] (١).
قال القاسمي رحمه الله: ({إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا