قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)}.
في هذه الآيات: ذكر صفات المنافقين وأحوالهم وتقلباتهم المختلفة وفضح أساليبهم. فهم:
أ- يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر.
ب- استحوذ مرض النفاق على قلوبهم، فهو مرض في الدين لا في الأبدان.
ج- المنافقون يدعون الإصلاح إذا نهيتهم عن الفساد، ويدعون الإيمان عند المؤمنين، ثم يعتذرون لرؤسائهم بأنهم كانوا يسخرون.
د - اشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى.
هـ- المنافقون يعلمون الحق ويرتكسون في الكفر متحيرين.
فإلى تفصيل ذلك:
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩)﴾.
قال مجاهد: (هذه الآية إلى ثلاث عشرة، في نعت المنافقين).
وقال ابن عباس: (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾)، يعني المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم).
قال ابن جرير: (وأجمع جميع أهل التأويل على أن هذه الآية نزلت في قوم من أهل النفاق، وأن هذه الصفة صفتهم).
والناس: جمع لا واحد له من لَفْظهِ، وإنما واحدهم "إنسان" وواحدتهم "إنسانة". أو قد يكون أصله "أناس" أسقطت الهمزة منها لكثرة الكلام بها. وأما النفاق: فهو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو نوعان:
١ - اعتقادي.
٢ - عملي.
النفاق الاعتقادي: هو نقاق في أصل الدين، يخلد صاحبه في النار، غير أن صاحبه لا يعامل معاملة الكافرين لعدم إظهار كفره. قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: ١]. وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون: ٣].


الصفحة التالية
Icon