وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)﴾.
يقول جلّ ثناؤه: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين أظهروا لهم الإيمان نفاقًا ومصانعة ليصيبوا معهم من الأموال والغنائم من جهة، وليحفظوا بالخداع دماءهم وأموالهم وذراريهم من جهة أخرى، ثم إذا انصرفوا إلى شياطينهم وخَلَوْا بمردتهم من أهل العُتوّ والخبث قالوا: إنا معكم على العهد وأولياؤكم ضد محمد وأصحابه. ثم هناك تأويلان في الذين عُنوا بهذه الآية:
التأويل الأول: هم قوم من منافقي اليهود.
قال ابن عباس: (كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي - ﷺ - أو بعضهم، قالوا: إنا على دينكم. وإذا دخلوا إلى أصحابهم، وهم شياطينُهم، قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزئون).
التأويل الثاني: هم قوم من منافقي العرب.
قال سعيد بن جبير: (إذا خلوا إلى شياطينهم من يهود، الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول ﴿قَالوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ أي إنا على مثل ما أنتم عليه ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾).
وأمّا شياطينهم فهم رؤوسهم في الكفر والنفاق.
قال ابن مسعود وناس من الصحابة: (أما شياطينهم، فهم رؤوسهم في الكفر).
وقال قتادة: (﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾، أي رؤسائهم في الشر).
وقال مجاهد: (إذا خلا المنافقون إلى أصحابهم من الكفار). أو قال: (إخوانهم من المشركين).
وقال ابن جريج: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالوا آمَنَّا﴾، قال: إذا أصاب المؤمنين رخاءٌ قالوا: إنا نحن معكم، إنما نحن إخوانكم، وإذا خلوا إلى شياطينهم استهزؤوا بالمؤمنين).
وقوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾.
قال ابن عباس: (ساخرون بأصحاب محمد - ﷺ -).