واختار ابن جرير القول الأول لأنه لا شك أن ذلك من قيل أهل الجنة كلما رزقوا من ثمارها، فلا شك أنه من قيلهم في أول رزق رُزقوه من ثمارها، الذي لم يتقدمه عندهم من ثمارها ثمرة.
وقوله: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾.
أي: أتوا بما رزقوا من ثمار الجنة متشابها. وفي الآية أكثر من تأويل لهذا المتشابه:
التأويل الأول: تشابهه أن كله خيارٌ لا رَذْل فيه.
قال الحسن: (متشابها: خيارًا كلَّها لا رَذْل فيها). وقال: (ألم تَرَوْا إلى ثمار الدنيا كيف تُرذِلُون بعضَه؟ وإن ذلك ليس فيه رَذْل). وقال: (يشبه بعضه بعضًا، ليس فيه من رَذْل). وقال قتادة: (أي خيارًا لا رذلَ فيه، وإن ثمار الدنيا يُتَقّى منها ويُرْذَل منها، وثمار الجنة خيارٌ كله، لا يُرْذَلُ منه شيء). وقال ابن جُريج: (ثمر الدنيا منه ما يُرْذَل، ومنه نقاوَةٌ، وثمر الجنة نقاوة كله، يشبه بعضه بعضًا في الطيب، ليس منه مرذول).
التأويل الثاني: تشابهه في اللون واختلافه في الطعم.
فعن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ في اللون والمرْأى، وليس يُشبه الطعمَ). وقال مجاهد: (مِثل الخيار. قال: وأتوا به متشابهًا لونه مختلفًا طعْمه، مثلَ الخيار من القثّاء). وقال الربيع بن أنس: (يشبه بعضه بعضًا ويختلف الطعم).
التأويل الثالث: تشابهه في اللون والطعم.
فعن مجاهد ويحيى بن سعيد: ﴿مُتَشَابِهًا﴾ قالا: في اللون والطعم).
التأويل الرابع: تشابهه، تشابه ثمر الجنة وثمر الدنيا في اللون، وإن اختلف طعومهما. فعن قتادة قال: (يشبه ثمر الدنيا، غير أن ثمر الجنة أطيب).
التأويل الخامس: قيل لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء،
فعن ابن عباس قال: (ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء).
وقال عبد الرحمن بن زيد: (يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا، التفاح بالتفاح والرمّان بالرمان، قالوا في الجنة: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ في الدنيا، ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾، يعرفونه، وليس هو مثله في الطعم).