وقال قتادة: (كان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير). (الإتقان ص ١٨٩). وكان آية في الحفظ، يحفظ ما يسمع، وقد شهد له ابن عباس بالحفظ حتى قال له: (انظر كيف تحدّث عني فإنك قد حفظت عني حديثًا كثيرًا).
وكان ابن عباس إذا حجّ أهل الكوفة وسألوهُ يقول: (أليس فيكم سعيد بن جبير؟ ! ). وقد كان عابدًا زاهدًا، وكان لا يدع أحدًا يغتاب عنده.
وجاء في ترجمته في الأعلام: "سعيد بن جبير الأسدي الكوفي، أبو عبد الله تابعي، كان أعلمهم على الإطلاق، وهو حبشي الأصل، أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر، ولما خرجَ عبد الرحمن بن الأشعث على عبد الملك بن مروان، كان سعيد بن جبير معه، فلما قتل عبد الرحمن ذهب سعيد إلى مكة، فقبض عليه واليها (خالد القسري) وأرسله إلى الحجاج فقتله (١)، وكان الحجاج يخاطبه (بشقي بن كسير) بدل سعيد بن جبير.
قال أحمد بن حنبل: قتل الحجّاجُ سعيدًا، وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه".
٣ - مجاهد بن جبر: هو الإمام المخزومي مولاهم المكي المقرئ المفسر الحافظ. ولد سنة (٢١) هجرية، وكنيته (أبو الحجّاج).
وكان من أشهر العلماء في التفسير، وقد سمع سعدًا وعائشة وأبا هريرة وابن عمر وابن عباس ولزمه مدة وقرأ عليه القرآن.
قال عنه الذهبي: (شيخ القراء والمفسرين بلا مراء، أخذ التفسير عن ابن عباس) (٢). وكان من أخص تلامذته، ومن أوثق من روى عَنْهُ، ولهذا يعتمد البخاري كثيرًا على تفسيره كما يعتمد كثير من المفسرين على روايته، تَنَقَّلَ في الأسفار، واستقر في الكوفة. قالت قتادة: (أعلم من بقي بالتفسير مجاهد).
تلقّى مجاهد تفسير كتاب الله عن شيخه الجليل (ابن عباس) وقرأه عليهِ قراءة تَفَهّم وتدبّر، ووقوفٍ عند كل آية من آيات القرآن، يسأله عن معناها، ويستفسره عن أسرارها.
(٢) انظر الأعلام ج (٦)، ص (١٦١).