أي: يوقن المؤمنون أن المثل الذي ضربه الله، لما ضربه له، مثل. وأما المنافقون والكفار فيستهزئون به ويكفرون ويضلون.
فعن الربيع بن أنس: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، أنّ هذا المثلَ الحقُّ من ربهم، وأنه كلام الله ومن عنده).
وقال قتادة: (أي يعلمون أنه كلامُ الرحمن، وأنه الحق من الله).
وقال مجاهد: (يؤمن بها المؤمنون، ويعلمون أنها الحق من ربهم، ويهديهم الله بها، ويضل بها الفاسقون. يقول: يعرفه المؤمنون فيؤمنون به، ويعرفه الفاسقون فيكفرون به).
وهذه الآية تشبه آية المدثر: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾.
وقوله: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾.
قال ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا﴾، يعني المنافقين، ﴿وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ يعني المؤمنين. فيزيد هؤلاء ضلالًا إلى ضلالهم، لتكذيبهم بما قد علموه حقًّا يقينًا من المثل الذي ضربه الله لما ضربه له، وأنه لما ضربه له موافق. فذلك إضلال الله إياهم به. ﴿وَيَهْدِي بِهِ﴾ يعني المثل، كثيرًا من أهل الإيمان والتصديق، فيزيدهم هدى إلى هُداهم وإيمانًا إلى إيمانهم. لتصديقهم بما قد علموه حقًّا يقينًا أنه موافق ما ضربه الله له مثلًا، وإقرارُهم به. وذلك هدايةٌ من الله لهم به).
وقوله: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾.
قال ابن عباس: (هم المنافقون). وقال الربيع بن أنس: (هم أهل النفاق).
وقال قتادة: (فسقوا فأضلَّهم الله على فِسقهم). وقال، مجاهد: (يعرفه الكافرون فيكفرون به). وأصل الفِسق في لغة العرب: الخروجُ عن الشيء. قال الرازي: (فَسَقت


الصفحة التالية
Icon