كانت الظَّهَرَة عليهم أظهروا الخصال الثلاث: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا).
وقال السدي: (هو ما عهد إليهم في القرآن، فأقروا به ثم كفروا فنقضوه).
وقال قتادة: (فإياكم ونقضَ هذا الميثاق، فإن الله قد كره نقضَه وأوعدَ فيه، وقدّم فيه في آي القرآن حُجة وموعظة ونصيحة، وإنا لا نعلم الله جل ذكره أوعد في ذنب ما أوعد في نقض الميثاق. فمن أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليفِ به لله).
قلت: وقد حذّر النبي - ﷺ - من نقض العهد مع الله سبحانه ومع رسوله - ﷺ - وبين أن ذلك نذير سوء في حال الأمة وعلامة من علامات هلاكها.
فقد أخرج ابن ماجة والبيهقي والحاكم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - ﷺ - قال: [يا معشر المهاجرين! خِصالٌ خمسٌ إذا ابتليتم بهنَّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنَّ. لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقُصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين وشِدَّة المؤنة، وجَور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطْر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدوَّهم من غيرهم، فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئِمّتهم بكتاب الله عز وجل ويتحرَّوا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم] (١).
وله شاهد عند الطبراني من حديث ابن عباس بلفظ: [خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سُلِّطَ عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموتُ، ولا طفّفوا المِكيال إلا مُنعوا النبات وأخِذوا بالسِنين، ولا منعوا الزكاة إلا حُبِسَ عنهم القطرُ] (٢).
وقوله: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾.
فيه أقوال:
الأول: قيل المراد به صلة الأرحام والقرابات. قال قتادة: (فقطع والله ما أمر الله به

(١) حديث صحيح. رواه ابن ماجة في السنن (٤٠١٩)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٥٤٠)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٦).
(٢) حديث حسن. رواه الطبراني من حديث ابن عباس. انظر صحيح الجامع -حديث رقم- (٣٢٣٥).


الصفحة التالية
Icon